التقيد بالسن القانوني لمنح الجواز لممارسة الحرية، هو الأكثر حدوثًا داخل بلدان عربية عدّة، هذا الأمر يخلق الكثير من المغالطات لدى اليافعين و أباهم، حيث من هؤلاء من يرى أن فرض السلطة و الكلمة التي لا تقبل الرد كنوع من الطاعة، واجب، ربما لم نتجاوز بعد فهم الحرية حتى يتسنى لنا تجسيدها بشكلها الإنساني بعيدا عن التعقيد الشاسع.

الآباء، يجدون أنفسهم اليوم أمام مسؤولية تتطلب الكثير من الحكمة و الرزانة و التقيد بالمبادئ و الانفتاح على الواقع العصري، خصوصا أمام مواجهة عنيفة ضد التغيرات الطارئة التي تلعب فيها التكنولوجيا دورا كبيرا .

فتحاول العائلة الصغيرة السيطرة بشكل حاد على الأطفال إلى سن كبير لتفادي ما سبق ذكره ، في حين يرغب الآبناء بأخد فرصة من الحرية الشخصية باعتبارهم أمام أنفسهم راشدين ولو كانوا صغارا

 لكن في المجمل تبقى المحاولات للخروج من رتابة المفهوم الذي ينظر للجيل بنوع من التقليل مقارنة بالأجيال السالفة، قابلة للمناقشة و تحديد الصيغ لتماشي مع سيرورة الحياة الأكثر عصرنة لأن التخوف الزائد من خلق جيل متهور يولد السلطة السلبية.

و بالرغم من هذا يبقى الخوف كوسيلة لحماية الجيل من الأخطاء المتوقعة، لكن السيطرة لحد الغطرسة و التجبر و تتبع الصغائر الشخصية من الجهل الذي تسقط فيه العديد من الأهالي، وهنا يمكننا استحضار الواقع التقليدي المرير الذي يلبسه الكثير من الجهل في التعامل كصورة مقلدة لبعض الأجداد نتيجة الواقع الاجتماعي، السياسي الديني، الذي تعايشوه آنذاك و ترجم لسلوكيات اتجاه الأطفال ... بالأمر و النهي والمخالفة أبشع جريمة.

فهذا الأمر، عدّ غير منطقي للأثر السلبي الذي يخلفه لدى الناشئة من تقيد لقدراتهم و مهاراتهم الذاتية و كتم الإبداع داخلهم.

 لهذا لا بد من تجاوز مفهوم الحرية المعقدة التي تجعل الأطفال بلا صوت و لا آراء لا مسؤولية تجاه أنفسهم، و التركيز من طرف المسؤولين على خلق مسافة لتعليمهم كيف يمكنهم اتخاذ القرارات بعقلنة فالدراسة، العمل، الزواج، الهوايات، مع ترك حرية الاختيار لهم، هذا سيولد أجيال منفتحة على ذواتها، تختار المجالات المناسبة لها تخلق علاقات اجتماعية تترفع عن تفاصيل الأحداث المزرية التي لا تتجاوز الصراعات، و المشاكل.

بالإضافة لهذا، ينبغي للأطر التربوية بعد أن تدرك مهمتها الأولى بالتمام، أن تتعلم كيف تبني جيل واعي و حكيم يفرق بين الرغبات الشخصية و ما يلزمهم اتجاه آبائهم و أقاربهم و جميع البشر في احترام كبير لشخصهم

إذن، فالسن القانون يبقى للمساءلة القانونية، أما التكوين الذاتي الأسري فينشأ من سن صغيرة يرتكز على الفصل بين الحرية المقيدة و بين الحرية في اتخاذ القرارات مع الإرشاد من بعيد إن تطلب الأمر.