أن تكون حقيقياً في عالم مليء بالزيف هي البطولة بعينها. أن تُبدي ما تخفي دون الاكتراث لآرائهم وقراءة عيونهم وتلميحاتهم هو الإنجاز بحق. وصولك لتلك المرحلة الذهبية تعني أن المواقف قد أعطتك الكثير من الفرص للارتقاء وقد كان ما أرادت. اعتناق معتقدات فكرية لمجرد أن اعتنقها الآخَرون ولا تعكس صورتك في المرآة هو وبال مجتمعي معقد يؤثر على الفرد والمجتمع تأثيراً سلبياً. أنت جزء لا يتجزأ من العالم، أي فكرة لا تدور في فلكها الصحيح تؤذي المجتمع حتى يثخن بجراحه ويصبح من الصعب مداواته.

أنت حقيقي يعني أنك تستطيع أن تخاطب نفسك وتصارحها وتحقق معها السلام الداخلي وهو الأساس لعلاقة صحية مع الذات. فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهدنا سبل السلام".

أن تكون حقيقياً يعني ردم الهُوة مع النفس أولاً ثم الآخرين، أن تستطيع السيطرة على نفسك عند هشاشة النفس دون عناء، أن تشعر بتلك السعادة النابعة من الداخل فلا تنتظرها من المحيط، أن تواجه أعاصير نفسك فلا تصول وتجول دون إدراك منك.

حتى نفهم معنى"كن حقيقياً" لنتخيل المزيفين من الكائنات الأرضية!

هم أولئك الذين لا همَّ لهم سوى إرضاء الآخر، رأي الآخرين فيهم هو طوق نجاتهم، شعارهم "أرضهم إن كنت في أرضهم، دارهم إن كنت في دارهم". سعادتهم مرهونة بمديح من حولهم. هم الدراما بعينها إن تصارعت الخطوب، ترى أعينهم فاضت من الدمع حزناً ألا يجدوا من ينفخهم حتى الانفجار. أولئك الشتات بعينه، لا يجدون وقتاً لمواجهة أنفسهم لتزكيتها، نفوسهم تستنجد ولا حياة لمن تنادي.

تضخيم الأقوال والأفعال وإبعادها عن حجمها الحقيقي يضر ولا ينفع.

حقيقة كل شيء هي الثوابت التي نحتاج إليها في زمن الضجيج. هي الإطار الصحيح الذي بواسطته نتخذ القرارات بتعقل دون تردد. الحقيقة في كل شيء تجعلنا نفهم ماهية الأحداث والأشياء. الحقيقة هي الطمأنينة التي تركن إليها الروح. كن حقيقياً ولا تتصنع من أجل الآخرين.