تويتر عالم يُرعبني أحيانًا.

أخفيتُ الترندات التي تظهر لي، ووضعتها ترندات لدولة أخرى غير دولتي. فلم يُفد الأمر، إلى أن وضعتها لدولة لا أفهم لغتها ولا ثقافتها.

حينما يصعد ترند، تجد الناس يتقاتلون، هذا يهاجم وذاك يُدافع. بيئة صاخبة، فيها تنمّر لا ينتهي. وجرحُ اللسانِ كجرح اليدِ.

فرويد عالم نفسي مجنون، حينما درستُ الطبّ النفسي وتعرّفت على نظرياته، عرفتُ أنّه مثل قريبتي المُسنَّة التي تُسيئ الظنّ بكل مخلوق، لديه بعض النظريات التي تُقزّز كل ذي قلب سليم.

لكن لديه واحدة، أشهد أنّه فيها من المصيبين العارفين. يقول فرويد في كتاب الطوطم والتابو:

إنَّ مجرّد تحوّلهم إلى جمهور يزوّدهم بنوع من الروح الجماعية وهذه الروح تجعلهم يفكّرون ويتحرّكون بكيفية، مختلفة تمامًا عن الكيفية التي كان سيشعر بها ويفكّر ويتحرّك كل فرد منهم لو كان منعزلًا

فرويد يقول ببساطة، عندما تفكّر وحدك، ستفكّر بطريقة مختلفة عمّا لو فكّرت ضمن جمهور، الجمهور سيُملي عليك تأثيرًا خفيًا، يجعلك تفكّر ضمن جناحهم، ولا تطير بعيدًا عنهم.

لو أسقطنا هذه العبارة على تويتر وأي منصة تواصل اجتماعي يتمُّ فيها تحشيد الجموع، فسيكون لدينا ترند مُستفز، فيه أناس يهجمون على شخص، وحينما تكون لهذا الشخص من الكارهين، فستهجم معهم.

لو كنتَ وحدك، لما هاجمته بنفس الطريقة ربما، ربما استحقرته لكن لم تهجم عليه، ربما تجد له عذر ما، المهم النتيجة عندما تكون وحدك ستكون "أكثر تناثرًا" في حجّتك وهجومك.

أمّا مع الجموع، فكلّكم يملك سببًا واحدًا، سبب مكثَّف ومركّز، يؤجّج المشاعر، ويوحِّد الصفوف.

لا تجعل تويتر مقياسًا لتحليل شخصية شخص ما، هذه طريقة خاطئة في معظم أيّام السنة. خصوصًا لو من تريد فهمه يُشارك في الترندات. سيكون حينها تحت تأثير الجماهير.

كما يوجد لدينا شخص تحت تأثير المُسكّرات. يجب أن نبتكر مصطلحًا جديدًا: هذا المغرِّد تحت تأثير الجماهير!