لماذا الهروب دائماً بدلاً من المواجهة؟!

الهروب عادةً سببه لا يتعلق بمن يقوم به بل بمن يتم التهرب من مواجهته، فعندما تمتلك تجربة مسبقة مع شخص وتعلم الMindset الخاصة به وخصوصاً هؤلاء المتشددين لآرائهم ومعتقداتهم التي توقفت مع توقف نموهم، تعي بأن المواجهة لن تحل ولو جزء من المشكلة وإنما ستعقدها أيضاً. وإن فاقت قدرته على الإقناع الحدود، لن يتغير شيء "دق المي وهي مي"... لذلك يجدون أن السلام الداخلي هو ما تستحقه أنفسهم بدلاً من سيل من الشتائم والإهانات الفارغة.. صدقني هؤلاء الأشخاص الذي يتهربون بهذه الحالة هم أكثر الأشخاص الذين يهتمون ويتمنون حدوث مواجهة حقيقية يستطيعون بها أن يشرحوا وجهة نظرهم بحق (النوع المبالي) ممن يتهرب من المواجهات.

بينما من نشأوا على التهرب من المسؤولية هم من يتهربون من أصغر مواجهة لأنهم غير قادرون على تبني وجهة نظر واحدة للمشكلة ولا يأخذون الأمور بجدية مطلقة، وهؤلاء هم (النوع اللامبالي) ممن يتهرب منها.

كلمة الهروب من المشكلة قد تكون هي المشكلة في حد ذاتها وارى ان نعيد التفكير بهذه التى نرى انها مشكلة ونعيد النظر اليها على انها تحدي وربما فرصة للتطوير فأي مشكلة مهما كانت علينا اولا ان نفكر بها ونحجمها بشكلها الطبيعي فمانراه الان مشكلة كبيرة ربما هي مجرد مشيكلة اي عثرة صغيرة اذا نظرنا لها بطريقة اخرى حيث ما قد نعتبره اليوم شرا يصبح خيرا في يوم آخر ان كل شيء في هذه الدنيا هو خير وهو فرصة للتطوير وعلينا نحن البشر استغلال الفرصة الذهبية واستخدام الخبرات والادوات المتاحة لتنفيذ هذا التطوير وقد نستطيع عندها الهروب بهذا التحدي ( المشكلة سابقا ) الى الامام.

الهروب أو المواجهة هو بحد ذاته يتوقف على الظروف التي يعيشها الفرد .

الشخص الذي يهرب ربما هو من كان أكثر مواجهة وحكمة في التعامل مع القضايا التي تواجهه ولكن ربما وصل لمرحلة معينة من حياته أصابه فيها التعب من كل شيء ، أصبح غير قادر حتى على مواجهة الحياة ، هناك أشياء تحدث لنا في الحياة تقسم ظهورنا و تغيرنا كليا .

و من هنا نقول أن الهروب أحيانا ليس جبنا بل شجاعة ربما و نجاة من أجل جمع ما تبقى من روحنا لمواصلة البقاء على قيد الحياة .

خضتُ مناقشة مماثلة في الصدد نفسه مع أحد الأصدقاء منذ عدة أيام، حيث تجاذبنا أطراف الحديث حول صديق آخر لديه المشكلة نفسها، حيث يخشى المواجهة بشكل عام. وعندما كنّا نتحدث عن بعض المشكلات التي يمتلكها هذا الصديق في مواجهته لمشكلة ما بعينها، أدركنا أثناء التفسيرات أنه يعاني المواجهة بشكل عام، وقد اعترف هو نفسه بذلك. ومن هنا أدركتُ أن الشخص نفسه لا يخشى أشخاصًا بأعينهم، وإنما يخشى أن يتكبّد عناء المواجهة، كشجار مثلًا أو كفقدان للشخص الذي يختلف معه. وتبعًا لمثل هذه الحسابات الزائدة عن الحد، يبدأ الشخص في حساب المشكلة من زاوية أخرى، فيقرر الهروب حتى وإن كان ذلك سيؤدي إلى فقدانه لحقه الشرعي في الموقف.