بعد أن صفع ويل سميث المُقدِّم الفُكاهي كريس روك في حفل توزيع جوائز الاوسكار بعد نكتة ألقاها الأخير على زوجة سميث، نشر أحد الأشخاص على فيسبوك منشورًا، كتب فيه اعتذارًا على لسان روك، ولم يكن يريد تقمّص شخصية روك او انتحال الكلام عنه، لكنّه قال أنّ هذا ما سيفعله لو كان محلّه.

حصل ذلك المنشور على الاعجابات، والتقطته خوارزميات الفيسبوك وروَّجته بطريقة أكبر، إلى أن شاع صيته بين الناس، وقد نُشر أيضًا في تويتر وانستغرام.

الذي حدث بعد ذلك هو أنَّ الناس في لحظة ما بدأوا بالتوّهم أنَّ كريس روك قد أصدر هذا الاعتذار فعلًا، والذي زاد هذا التوهّم هو مشاركة بعض الحسابات المشهورة لهذا الاعتذار على أنَّه من روك.

طبعًا القائمين على حسابات كريس روك الرسمية نفوا أن يكون هذا البيان قد صدر منه، فجأة شعر الناس أنّهم خُدعوا بحقيقة، أو خدعوا أنفسهم!

الحدث بذاته لا يهمّ، لكن ما الذي جعل ألوف الناس تُصدِّق كذبة بهذه السرعة؟ المخيف أكثر أنَّ صاحب الاعتذار الاصلي لم يحاول فرض الكذبة، ولم يكن خلف ما يفعل أجندات، الموضوع تمَّ بخدع الناس لأنفسهم، وبتضافر عوامل الغباء الجمعي.

لنترك الناس العاديين، ليس عليهم حرج من مشاركة الأكاذيب، خصوصًا لو شاركتها الحسابات المشهورة، لكن ما الذي جعل الحسابات المشهورة تنشر هذه الكذبة؟ أليس لها شيء تخشاه وهو الحفاظ على المتابعين وأن لا يتعرّضوا لسُمعة ترويجهم للأخبار الكاذبة؟

جزء من تصديق الناس والمشاهير لهذه الكذبة هو رغبتهم في سماع الاعتذار من كريس روك، وجزء آخر هو كسلهم عن البحث عن الحقيقة. لكنَّ السبب الحقيقي يميل لأن يكون أعمق من ذلك.

يقول تيموثي آر ليفين وهو باحث في العلوم الاجتماعية أننا لا نميل للتشكيك فيما يُقال لنا على الدوام، بل إنَّ الإعداد الافتراضي عندنا هو تصديق ما يقوله المقابل، فنفترض أنَّ ما يقوله صحيح ولا نُقيم العمليات الفكرية المُستهلكة للطاقة للتحقّق مما يقول، خصوصًا لو قال شيئًا أردنا سماعه كما في حالة اعتذار كريس روك.

وهذا التصرّف ليس بذاك السوء، فكما يقول ليفين أنّه الخيار الأفضل لنا كبشر، فمحاولة التشكيك بكل شيء يقوله الناس فيه تشغيل لعمليات فكرية تستهلك من طاقتنا ومواردنا وتشتّتنا عن أمور أهم.

كيف نحمي أنفسنا من أن يُحتالَ علينا بكذبة في مواقع التواصل، وكيف نُحقّق الموازنة بين التشكيك في كلّ شيء والحفاظ على الطاقة والموارد؟