ماذا يعني أن نكبر كل يوم ؟ وهل نحن نكبر بالأصل وحقيقة الأمر؟


التعليقات

إننا لا نكبر، يمكن القول بأننا نثمر، نذبل، نشرق، نغيب، نضيء، نظلم.. أو بقولٍ أصح وأدق يمكن القول بأننا نتقدم نحو مصائرنا المحجوبة التي نخطها بأيدينا..

كلامك في هذا الأمر ذكرني بموقف مررت به، حين بدأت أقترب من الثلاثينات بطريقة ما أردت أن أستكشف عالم عمر الثلاثينات وبدأت أقرأ حول مميزات هذا العمر، ولفت انتباهي تعليق في إحدى المقالات لسيدة تقول عمر الثلاثينات أزهرت فيه بعد أن كنت أقدم على الانتحار في العشرينات، هنا انتبهت لنقطة مهمة وقلت أنّ العمر غير مهمّ وإنما التجارب والتوجهات هي التي تجعلنا نحب تلك الفترة العمرية أو نكرهها.

لذلك العمر مجرّد رقم، وكل فترة عمرية لها ما يميزها وما يجعلها مثمرة ومزهرة، ولاسيما حين ننضج ونتعلم ونصبح أكثر حكمة، وفهما للحياة.

لم أعد أرغب في التطرق إلى هذه النظرة، لأنني لا أجد مفرًا منها للأسف يا صديقي. لكنني بدأت فعلًا في الإيمان بأن كل من مراحلنا السنية له رونقه وتجربته، ذلك طبعًا على الرغم من عدم قدرتنا على إيقاف هذه العملية، وعدم قدرتنا أيضًا على مواجهة الظروف المحيطة والاحتمالات السيئة الممكنة. لكن ما دمنا لا نستطيع إيقاف هذه العجلة، فإن الاستسلام للحياة والتفاعل معها ومحاولات التعايش هم الحل الأقدر على البقاء، والمحاولة المستمرة في التكيف مع وضعنا الحالي من العالم، سواء بالقدرة أو العمر أو أيًا كان، هو الحل الوحيد المتوافر لدينا، والذي يجب أن نتشبث به ونتشبث بالحياة قدر استطاعتنا، ولنترك كل شيء للقدر. ما رأيك يا صديقي؟

لست متيقّنا بحتمية صراعنا مع الحياة كما قلت، أحيانا قد نخلق نحن صراعا وهميا، كأن نقسو على أنفسنا من أجل تحقيق أهداف بعيدة المنال منا، وقد تعترضنا بعض العوامل التي لم نفكر فيها جيدا، فيتحول ذلك إلى صراع مع الحياة...

وكما جاء في منشورك، فنحن دائما بين الحضور والغياب، لذلك وجب علينا أن تعلم كيف نعيش ضمنهما معا، حتى تركن أنفسنا إلى الراحة..

هذا صحيح كل لحظة تمر بنا فإنها تعني قربنا من الأجل، مصيرنا في حياتنا مجهول بالفعل وكل يوم نرى فيه الكثير من الأحداث والمفاجآت والأمور التي قد تكون سعيدة وقد تكون تعيسة.

السمش تشرق على نصف الكون فتصافح الكائنات وساعات وتغادر لتصافح النصف الثاني وما بين الليل والنهار تكمن حياة البشر. هذا واقعنا الذي يظلم البعض نفسه ويتناسى الأمر وكأنه هو المتحكم في مصيره.

ولكل إنسان منا عمر عقلي وعمر بيولوجي، العمر البيولوجي هو طرح سنة الميلاد من السنة الحالية نستطيع بناءً على ذلك معرفة أعمارنا بشكل عددي، وليس هذا العمر هو المهم بل الأهم هو العمر العقلي، ونقصد به حجم تجارب الفرد وقراءاته ومعارفه وقدراته وشخصيته وجميع المعايير التي تضيف القيمة الحقيقية للإنسان، فكم من رجل كبير في السن لكنه يتحدث كما يتحدث شاب طائش في مقتبل العمر، وكم من شاب في ريعان شبابه ينظر إلى الحياة بنظرة الحكيم، وإذا تحدث فاضت الحكمة من حديثه، وهناك أمر أريد التنويه له وهو أن عمر الرجال العقلي لا يقاس بكثرة التجارب التي مرو بها وإنما يقاس بمدى استيعابهم لتلك التجارب.


ثقافة

لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية والاجتماعية بموضوعية وعقلانية.

96.9 ألف متابع