مرحبا بالجميع، اسمي حامد اللامي أهوى جمع الكتب القديمة والنفيسة وكذلك التحف النادرة وكل ما هو عريق أو غريب.
سأقص عليكم اليوم قصتي مع أحد مقتنياتي الجميلة ولا تستغربوا من العنوان وتابعو القصة حتى النهاية.
من عدة سنوات قرأت على أحد المواقع الإلكترونية أن شخصا وجد حجر سجيل وأنه حلم قبل ذلك بوالده أو شيء من هذا القبيل وكان مع الخبر صورة لحجر مكوّر عليه شيء يشبه الطائر وكتلة أخرى يقول صاحبها أنها فيل وبحسب خبرتي المتواضعة حينها في الأثريات كنت على يقين أنها حفرت باليد وليس بفعل الطبيعة أو مصدر آخر. المهم أن هذا النقش الغريب هو الدليل الذي يدعيه صاحبه على أنه حجر سجيل وبحسب ادعائه فقد عرض عليه مبلغ 4 ملايين دولار أمريكي بعد معاينته من خلال صور له فقط لكنه رفض.
شد انتباهي الموضوع كثيراً وكيف أن حجر عادي أصبح بهذه القيمة الخرافية!!! فتابعت أبحاثي عن الموضوع فوجدت أن صاحبه يقول أيضاً أن وصف الحجر هو نفسه المذكور في القرآن الكريم (حجر من الطين متحجر محروق) ولكن كل ما كنت أراه هو حجر "صوان" - من الحجارة اللامعة - مع نقش غير واضح.
المهم أن هذه القصة دفعتني للسؤال فعلا عن "حجارة سجيل" وبدأت بالبحث في المصادر التاريخية والمعاجم اللغوية لمعرفة أوصافه ومكان وقوع الحادثة.
ما وجدت كان متناقضا تماما للصور التي نشرت فهذا هو المعنى الأدق لكلمة "سجيّل" في المعاجم اللغوية العربية الأصلية:
"طين يابس متحجِّر، حجارة صلبة حادّة ذات نتوء".
هذا المعنى أي "طين يابس متحجر" و "حجارة صلبة (حادة) ذات نتوء " لا تتوافق مع الصورة فالحجر أملس وبلا نتوء ولا يبدو صاحب شكل مميز عن أي حجر صوان آخر في الطبيعة.
المهم أن بحثي أوصلني إلى أن هذا الحجر ليس حقيقياً عل الأقل من ناحية المواصفات المذكورة في المعاجم اللغوية.
بعد سنة تقريبا كان لي زيارة لأحد الأصدقاء في الأردن وخلال حديثنا عن التحف الثمينة وعن أسعارها قال لي أنه خلال رحلة الحج سمع من أحد مرافقيه وهو مهندس معماري أن رجلا طاعنا في السن ورث أحد حجارة سجيل عن جده الذي بدوره ورثه عن جده وهكذا وهو وريث أحد العشائر العريقة هناك وأنه عاين الحجر بنفسه عدة مرات ويصدق أنه حقيقي.
في البداية ضحكت قليلاً وذكرت له قصة الحجر المكور وقلت له أنه بما أننا مؤمنون بالله فنحن نعتقد بحقيقة قصة سورة الفيل ونعلم أن الحجارة هي فعلا حجارة مادية لأنها قتلت جيشاً أي أنه لا يوجد خلاف على أن هذه الحجارة وجدت وضاعت في الصحراء ولكن ما لا نتفق عليه هو كيف وصلت هذه الحجارة إلينا ومن جمعها في ذلك الزمن البعيد وكيف بقيت محفوظة حتى زمننا هذا.
تناقشنا كثيراً في هذه النقطة وأصر على أن الرجل بالفعل يملك حجراً يشبه النصل، له تشكل كالمروحة في تصميمه وله ثلاث أضلاع كالهرم. له قاعدة واسعة وله جزء به نتوء كثيرة حادة كأنه محروق أم الجهات الأخرى فبها نتوء أقل ومتموجة.
لم أتحمس كثيراً عند سماع ذلك لأنني ظننت أنه حجر آخر مع قصة زائفة أخرى وهذا ما قلته لصديقي.
رغم ذلك استمر في وصف الحجر وقال لي أن كتله ليست عادية فقاعدته وعلى الرغم من أنها ليست مستوية فالحجر يمكنه الوقوف على الأسطح بشكل غريب رغم أن لحنائه يبلغ تقريباً 40 درجة في هذه الوضعية. كما أن مركز ثقله ليس في قاعدته كما يوحي الشكل بل في منتصفه تقريبا أي أنك إذا أمسكته من قاعده وأفلته من أي ارتفع فإنه سيسقط كما تسقط السهام التي ترمى عالياً.
بعد سماعي لهذه التفاصيل أصبح لدي فضول لرؤية هذا الحجر الغريب ليس لأنني اقتنعت بما ذكر ولكن لكي أقوم بفحصه بنفسي.
عقدت العزم على رؤية الحجر، ولذلك وبعد أشهر قليلة سافرنا لزيارة الرجل وأخبرنا الرجل بقصة الحجر وأنه لا يفرط به ومنع أي أحد يراه ليتبارك به من تصويره لأنه لا يريد أن يخسره بحسب قوله بعد هذا العمر الطويل.
بعد ذلك تركنا الرجل قليلا وذهب لإحضاره. عاد ومعه قطعة قماش بيضاء ثم وضعها أمامنا وقام بفردها ليظهر الحجر أخيراً وهو تماماً كما ذكر لي صديقي فبالفعل شكله غريب وعرفت بسرعة أنه من المستحيل أن يكون صناعياً فهو لم ينحت بل هذا شكله الطبيعي.
الحجر صخري وصلب جداً لكن ليس ثقيلاً، يبلغ حوالي 9 cm فقط ولونه حنطي أقرب إلى لون رمال الصحراء وهو حاد لكن ليس كحدة السكين بل حاد بمعنى أن أضلاعه تمثل شكل هرمي مثالي للغاية بحيث أن أضلاعه حادة.
أعجبت بالحجر وبالقصة خلفه، ما جعلني أرتاح إلى الرجل هو تواضعه وإصراره على أن الحجر هو أحد حجارة سجيل كم أنني عرفت أنه لم يتاجر يوماً بهذا الحجر ولم يخترع قصصاً غريبة حوله وأن قصة الحجر تناقلتها الأجيال وليست قصته هو.
مرت بعد ذلك سنتان تقريباً وكان لي رحلة عمل إلى السعودية وبالفعل قررت الذهاب لزيارة الرجل وفي نيتي أن أحاول وأعرض عليه إعطاء الحجر لي مقابل نسخة من القرآن عمرها حوالي 160 عام ولكن للأسف أخبرني أحد أقربائه عندما لم أجده أنه توفي - رحمه الله. من هنا كان لا بد أن أسأل عن الحجر وأخبرت قريبه أنني من بضع سنوات رأيت الحجر فأخبرني أن الحجر أخذه ابنه الذي يسكن في أحد المدن القريبة. أخذت رقم هاتفه والعنوان وحاولت الاتصال به كثيراً لكن لم يجب أحد. وبعد أن يئست من المحاولة وبعد عدة ساعات اتصل بي الرجل وأخبرني أنه لم يستطع الرد قبل الآن وسألني عن سبب اتصالي فأخبرته بالقصة فعرض علي زيارته في منزله وبالفعل في اليوم التالي توجهت إلى منزله وقابلته.
++++++ سأكمل الجزء الثاني من القصة قريباً إن شاء الله في تدوينة أخرى :)
التعليقات