هي بقرة بجسد إنسان، أو إنسان برأس بقرة. لا أحد يعلم، وغالباً لا أحد يهتم.

تجلس البقرة على ذلك الكرسي العتيق لأحد سيارات الأجرة، قد لا يُلحظ عليها أي علامة من علامات المبالاة أو القلق، لكن-لمن يُمعن النظر-لن يجد إلا الفراغ، ومن يزيد الإمعان، سوف يجد حفرة لا تنتهي من السواد، أكوام من الظلمة، سيشعر بالغثيان ولن يكمل، سيعود أدراجه بسرعة حتى لا تخنقه تلك الظلمة، سيحاول أن ينسى ولن يفكر بالعودة.

ما لا يعلمه ذلك المُتمعن أن تلك البقرة تعيش بهذا الوضع الذي لم يتحمله هو لثوان. بينما تجلس البقرة مسندة رأسها إلى شباك السيارة الصدِئَة، ولديها تلك الرغبة الملحة في التقيؤ، تشعر بالغثيان، تحمل من الحقد والكراهية ما لا يتحمله أحد، ترى السائق أمامها وتتساءل، ماذا لو خنقته بسلك، ذبحته بسكين، أو ربما تطعنه، ربما تقيده وتمارس أبشع أنواع التعذيب عليه، ربما تقتلع عينيه أو تزخرف جلده بأداة حادة بينما تتلذذ بصرخاته. بالطبع ليس للبقرة اي عداء شخصي للسائق بذاته، ولكنها تريد أن تُخرِج تلك الكراهية المكبوتة بغض النظر عن الطريقة، ماذا لو رأت العالم يحترق ؟

‌لا تعلم بالضبط لما تريد الثأر أو مِن مَن، تعلم فقط أنها تريد التخلص من القذارة، تريد التخلص من الشعور بالاشمئزاز، تريد لو تتقيأ كل شيء؛ الكراهية، الاشمئزاز، الملل، نفسها.

تشعر بذلك الكيان القبيح في نفسها ولا تجد خيراً، ربما تستحم لتشعر ببعض الطهارة، لكنها فقط تتمنى لو تذوب في الماء.

يقطع تفكيرها توقف السيارة.

‌ستخرج لترتدي قناع الأخلاق، وتتزين بحلي الطهارة؛ لأنها تعلم أن العالم ليس مستعدا لرؤية قبح ما صنع.