" انتقد الفكرة و لا تنتقد الشخص " المبدأ التذويبي المُعاصر الذي يدعو إلى التساهل عند الحوار و المناقشة في قضايا الباطل، إن أطلقناه بشكل عشوائي، و جعلنا هذا المبدأ أساسا في كل حوار و نقاش، فهو حتماً سيكون مبدأ خاطيء و باطل ... أما أحيانا و ليس دائما من باب الحكمة و المصلحة يُحسن ألا يُنتقد الشخص و أن تنتقد الفكرة.

لو تأملنا حوار سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه لوجدناه حواراً شديداً فيه حزم و غيرة شديدة على الحق... فمثلاً عند حديثه مع أبيه قال " أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" ، و في موضع آخر " إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ، قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ، قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "... فهو لم يقل لقد كانت فكرتكم في عبادة الأصنام خاطئة أو ما أنتم عليه و آباؤكم، بل قال لقد كنتم أنتم، و إني أراك أنت مباشرةً دون مقدمات، مع التركيز على الأشخاص أنفسهم دون التغاضي عنهم إلى فكرة الشرك... لم يقل أنتم ناس جيدون و لكن عندكم أفكار باطلة بل قالها لهم مباشرة "أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" و تبرأ منهم "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ" و قاطعهم و أظهر عداوته لهم و لم يبدِ أي أسف أو تساهل بحجة تعامله مع الفكرة لا الشخص " كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ".