"الكتاب المبتدئون فقط هم من يتذمرون من الرفض" إلى أي مدى هذه العبارة صحيحة؟

الكتّاب، سواء كانوا مبتدئين أو محترفين، قد يتعاملون مع الرفض بطرق مختلفة بناءً على تجاربهم الشخصية وطبيعة أعمالهم. قد يكون للرفض تأثير عميق على الثقة بالنفس، وقد يتسبب في إحباط كبير حتى للكتّاب الذين يمتلكون خبرة واسعة. الرفض تجربة مريرة تتطلب قوة نفسية للتغلب على آثارها، بغض النظر عن مدى خبرة الكاتب. لا أعتقد أن شعور الرفض والتأثير السلبي على الثقة بالنفس أداة للتطور أو التعلم.

أراها صحيحة بنسبة كبيرة لأن الكاتب المبتدأ لم يعرض أعماله خارج دائرة الأصدقاء والمعارف من قبل، لذا لم يوجه له نقد حقيقي ولم يرفض بشكل واضح، ولكن عند عرض أعماله على نقاد وخبراء في مجال الكتابة فيصدم من ردة الفعل لأنه تعود على الردود الإيجابية، فمرحلة الرفض مهمة لتطوير الكاتب ومن لم يتعرض للرفض في البداية أما أن يكون مبدع بطريقة لا يمكن تخيلها أو أنه لم يعرض أعماله على من لهم الخبرة في الحكم على جودة ما يكتب.

هذه العبارة صحيحة لو طبقناها على أي مهنة الكتابة أو غيرها، فمن لا يقبل الرأي والإرشاد ويتذمر من المخالفة والنقد والتعديلات فسيظل مبتدئ طوال حياته، ولكن ثمة فارق بين التقبل عن وعي وإدراك والتقبل سعياً للمثالية مع جهل بعواقب التقبل أو النصيحة، فأنا مثلاً كتبت مقال طبق قواعد السيو ثم نصحني خبير باستراتيجية معينة وبحثت عنها ووجدت أنها مفيدة فهنا أنا أتصرف بعقل المبتدئ لو تذمرت ورفضت النصيحة، ولكن عندما ينصحني أحد بإلغاء العناوين الفرعية والكتابة بأسلوب سرد يخالف قواعد السيو فهنا أنا أحمق لو اتبعته، فالنصيحة والنقد لهم أهل.

أجدها عبارة غريبة نوعًا ما وغير حيادية، فنحن بشر ومن الطبيعي أن نتذمر جميعًا من الرفض ويزعجنا وهذه طبيعتنا تجاه أي رفض نحصل عليه، ولكن من جانب آخر أرى أن الكاتب لا بد أن يستغل الرفض لصالحه بحيث يتمكن من تطوير ذاته جيدًا ويصل إلى أعلى مستوى من الجودة في أعماله، ومن الضروري ألا يقف عند ذلك الرفض أو يستسلم للحزن والإحباط.

هناك تجربة سابقة لفنان بصراحة لا اتذكر إسمه، حيث قام بوضع واحدة من لوحاته الشهيرة في شارع مزدحم ووضع لافتة مكتوب عليها ( عدل الخطأ الذي تراه) وفي آخر اليوم تشوهت اللوحة تماماً؛ لأنه بالأساس لم يكن بها أخطاء، أو كان بها ولكن لن يدركه ألا خبير، وبنفس المنطق يمكن تعميم الأمر في مجالنا، فأنا لا اتزمر ولكن لو جائت النصيحة والنقد من شخص خبير ومدرك فعلاً.

بشكل كبير أنا متفق مع ذلك التعبير، لن تتعلم شيء حتى يتم طلب التعديل على عملك، ومع كل تعديل تقوم به سوف تثقل معرفتك وتزيد خبرتك.

أتذكر في إحدى المشروعات التي كنت أعمل على إدارتها طلبت من الكاتبة الكثير من التعديلات حتى يكون عمل متقن، فأخبرتني الكاتبة بعد إنتهاء المشروع بإنها تعلمت مني الكثير، وبسم الله ما شاء الله أصبحت كاتبة برتبة مميز على خمسات.

من يقوم بالرفض، أرى أنه شخص متكبر لا يريد تعلم شيء جديد ويبقى جامد كما هو دون تطوير.