لماذا يعجز الذكاء الاصطناعي عن إنتاج نكت وكوميديا مُضحكة؟

لم يعجز ال ai بعد عن القيام بذلك ولن يعجز، هذا الأمر ممكن، ولكن لن يكون بالتأكيد بالجودة الإنسانية، أعتقد أنّنا سنستفيد منه فقط بجمع بيانات وقصص قد تصلح لنكات حلوة، هكذا قد يستفيد من هذه البيانات أي كوميديان مهتم، أما بالنسبة فعلاً للذكاء الاصطناعي وانتاج نكتته الخاصة فكأننا نقول لماذا يعجز كمبيوتر برامات 1 غيغا وكرت شاشة 512 أن يُشغّل أحدث الألعاب الحالية؟ الأمر ليس متعلق بالعجز، بل بتطوّر ما نطلبه منه، نظام أي نكتة معقّد جداً، الأمر ليس سهل بالمرّة، النكتة الإنسانية أمر معقّد ولذلك حتى بني البشر القلّة فقط من يتقنه فعلاً، وذلك يعود للكثير من المعايير المتعلّقة أصلاً بروح اي نكتة، يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى فهم الفرق بين الفكاهة والإهانة، بين أن تهين أحدهم فيضحك وبين أن تُفاجئ أحدهم فيضحك، ما يجده شخص ما مضحكاً قد يجده شخص آخر مسيئ، يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادر على معرفة الفرق بين هذين الأمرين لتجنب إنتاج النكات المؤذية أو المزعجة، وهذا الأمر مهم لإنّ البيانات المتوفّرة بالانترنت لن تساعد الذكاء الاصطناعي على تجاوز هذه المشكلة بسهولة.

يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على فهم الفروق الدقيقة في اللغة البشرية، سرعة إلقاء أي نكتة وإيقاعها، طريقتها ولحنها وتلوين اللفظ فيه وشدته، تعتمد النكتة غالباً على التلاعب بالألفاظ والأدوات اللغوية الأخرى، يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي قادر على فهم هذه الأمور من أجل إنتاج نكات فعالة. وطبعاً أهم أمر أخيراً يأتي: فهم الثقافات واحترامها جداً.

اظن ان الذكاء الاصطناعي في النهاية سيصل لتلك المرحلة، ولكن ليس في وقت قريب، كذلك فكري فيها، لو قلت لك قولي لي نكته، وقلتها في الغالب لن اضحك، لأني أتوقع أن القادم نكته، هذا ما يحدث ما GPT وغيره من البرامج، أنت من تخبرينه قل لي نكته، ولكن المميز فينا نحن البشر أننا في وسط نقاش قد يلقي شخص ما نكته غير متوقعه، قد لا نضحك أتفق، ولكن سنفعل.

فإذا المعضلة هي مسألة التوقع، فإذا استطاع GPT وغيره الخروج من قالب مجرد الإجابة على الأسئلة، سيستطيع حينها أن يقول نكته مضحكة.

حقًا كنت أبتسم أثناء قرائتي لهذه المساهمة، ولا أعرف إن كنتي ستستغربي ما أقوله أم لا، ولكني أجد نكت الذكاء الاصطناعي مضحكة، والمضحك فيها هو شدة سخافتها.

أما عن توقعي فلا أعتقد أن هناك ذكاء اصطناعيًا يستطيع أن يتوافق مع الإنسان في مشاعره، وبالتالي فالذكاء الاصطناعي غير قادر على إنتاج موقف حزين، أو موقف مضحك، انه مجرد خوارزميات يا عزيزتي.

فكرة طريفة وطموحة جدا يا عفبفة لولا الصفة الاجتماعية الحميمية الحقيقية التي تنقص الذكاء الاصطناعي.. ولا أتصور أن يكون هذا الذكاء قادرا على إنتاج مثل هذه المُلح على طرافتها ودقتها في الإشارة والنباهة والإيجاز .. ولا أدري إن تمت برمجته على هذا الانتاج الطريف أن يتسطيع إيقاظ دواعي الفرح والسرور وبواعثها في الناس.. لأن خاصية المعايشة أقصد معايشة الناس شرط أساسي للتأثير الفني الدرامي والكوميدي في البشر، وما النكتة والمُلحة إلا ململحان من ملامح تجسيد الفعل الانساني المعيش في مواقف هزلية عابرة في غالب الأحيان .. ولذلك لكي يفعل الذكاء الاصطناعي فعلته ويكتب "تاريخه" في هذا الجانب عليه أن يُزود بأسلوب معادل للواقع الاجتماعي والذوق الجمالي السائد في عصره. والأمر عندي صعب المنال بعيده.