مرحباً يا أصدقاء، ورمضان مبارك على الجميع !

"الألم هو تاريخ الإنسان .. السعادة لا تُسجل" .. هذه الجملة لقائلها وعدد من العبارات المشابهة والآراء المتوافقة التي تصب جميعها في مصب واحد ونتيجة منفردة "المعاناة هي روح الأدب ووقوده" .. يبدع الإنسان في وصف معاناته ونقل ألمه، ويخلد التاريخ أعمالاً أدبية لا تنسى منها ما أبكى القراء والسامعين ولامس قلوبهم .. وكلنا هكذا، أصدقاء القلم، إننا نكرم آلامنا عندما نكتب، تعصرنا المعاناة فنفرز كلمات، عبارات، أشعار، قصص، بل موسوعات من المشاعر الغزيرة، ولكن ماذا عن السعادة .. لماذا لا نعطيها حقها ؟

تساؤل بدا لي طريفاً للوهلة الأولى عندما قرأته، ترى هل كانت ستصلنا أحد أبلغ وأعمق الأبيات الشعرية من قيس بن الملوح لو أنه تزوج ليلى ؟ هل كان سيكتب بذات الزخم والشاعرية والقوة ؟ أم هي قوة الفراق وسطوة الشوق من حرّكتا فؤاده ثم قلمه ؟

يقول بعض القراء أن هناك روايات قادرة على إقحامك في دوامة من الكآبة الساحقة، ولكنني لم أسمع يوماً عن أحد أصابته عدوى سعادة مفرطة عند قراءته لكتاب ما أو قصيدة معينة، ولا أعني هنا الضحك الذي تخلفه الكتابة الساخرة، بل ما أعنيه هو أن يفلح كاتب أو شاعر ما في دفعك إلى حب الحياة، أن تشعر بعد قراءتك لكلماته أن الوجود بأسره جميل .. أو ربما توجد أعمال كهذه ولكنها لا تذكر ولا يشيع الحديث عنها، شاركوني ما لديكم يا أصدقاء !

قد يلقي أحدهم باللوم على طبيعة مشاعر "السعادة" نفسها، فهي آنية سريعة الإنطفاء بينما الحزن يهوى المكوث والإستقرار بداخلنا، وأحياناً يستوطننا، ولكنه آنيّ أيضاً بطبيعة الحال أي له نهاية وزوال، ولكننا من نحتفظ به لأطول مدة ممكنة .. ولكل ذلك إنعكاس جليّ في الأدب الذي تقدمه البشرية على مر العصور .. ما رأيكم ؟

ما أعنيه ليس ابتغاء عمل أدبي مكتظ بالسعادة من أوله لآخره مفرط في استهلاك اللون الوردي ودرجاته، ما أعنيه هو التوقف عند المواضع السعيدة والمبهجة قليلاً وإعطائها حقها من الوصف والتناول، أن لا يكتفي الكاتب بسطرٍ واحد أو كلمتين يختزل فيهما وصف حدث سعيد، بينما يخصص عملاً بأكمله لحزنه العميق .. نعم، لابد أن نتصالح مع الحزن ولكن ليس بمخاصمة السعادة .

المساحة لكم الآن .