في غرفتك المبعثرة ترتدي ملابسك الأنيقة لحضور عرض مسرحي يتناول عملاً أدبياً عميق المعاني، وعندما تصل إلى المسرح يصدمك ما فيه.

تنظر حولك فتجد في قاعة المسرح الكثير من الدمى المعلقة بحبال كأنها جزء من العرض، ثم تزيد التأمل فتقف فزعاً لترى منظراً بشعاً، الفراغ والأتربة في كل مكان، والحزن يهيم في كآبة شديدة حيران باحثاً عن إنسان ليغزوه.

أذنك تسمع صوت أنين فتتبع الصوت لتجد مصدره حارس الأمن المسؤول عن تأمين المسرح يأن وعلى ملامحه حسرات ضياع كأنما تم إعدام ابنه لتوه، فتسأله ما الذي حدث؟ وأين العرض المسرحي؟!

فيرد بنبرة صوت ظاهرها الهدوء وباطنها الخوف والذعر قائلاً: لا يوجد مسرحية.

فتسأله لماذا؟ أصدر أمر من الحكومة بإلغاء العرض؟ أَمَرِضَ الممثلين؟ ما الذي حدث.

- سيدي، لا يوجد مسرحية، لقد انتحر الجمهور.

فتصدم من وقع الكلمة وتنظر حولك لتلمح جثث الجمهور معلقة في كل أرجاء المسرح شانقين أنفسهم حيث كنت تظنهم في بادئ الأمر دمى لأجل العرض المسرحي.

أي لعنة أصابت المسرح لينتحر الجمهور بأكمله؟

أي شيطان تلاعب بعقولهم وقلوبهم حتى علقوا أنفسهم على المشانق؟

أهلاً بكم يا سادة في ساحة كتابة المحتوى، حيث شنق القراء أنفسهم بحبال من الفيديوهات السريعة التافهة التي تقتل عقولهم وتميت قلوبهم من أجل نشوة من المتعة البصرية الزائفة.

أهلاً بكم يا سادة في مسرح كتابة المحتوى حيث الممثلون هم الكتاب الذين يبحثون عن جمهور يقرأ كتاباتهم ويتراقص معهم على أنغام الكلمات على خشبة المسرح، ولكن هيهات، لا يوجد مسرحية فلقد انتحر الجمهور.