عندما نقرأ في كتب السابقين مثل رسائل الرافعي، ونصوص المنفلوطي ولاسيما كتب الجاحظ وابن المقفّع والأصفاني وغيرهم كُثر، فإننا نلاحظ بونًا شاسعًا بين لغتنا وألفاظنا الحالية ولغتهم الفذّة، لكن مالسبب في ذلك؟

تختلف الأسباب ولسنا بصدد ذكرها في هذه المساهمة، ولعلّ من بينها وما أراه أنا سببًا في تراجع لغتنا اليوم ألا وهو الترجمة، لحظة لا تسيئوا فهمي، أنا لا ألوم الترجمة ولا أقول أنّه علينا التوقف عن الترجمة لحفظ لغتنا من التراجع في اللفظ والمعنى، وإنّما علينا التمسّك والترقّي في سلّم البلاغة ولو قليلا.

ومن أفضل الطرق في فعل ذلك هي القراءة والتدبر وتدارس القرآن الكريم، والقراءة في أمهات الكتب.

لكن كيف ساهمت الترجمة، أو لنقل الترجمة الحرفية والفخّ الذي يقع فيه المترجم خاصة حين يكون غير ضليع بلغته الأم، في تراجع اللغة.

 جاءتني قبل فترة ملاحظة من أستاذ ومترجم حين ترجمت أحد المقالات، وكانت أنني أسرفت في استعمال الفعل يساعد وذلك يجعل النص ركيكًا غير رصين.

حاولت التوسّع لأعرف أكثر عن الموضوع، فوجدتُ أنّنا نسرفُ أيضًا في استخدام الكاف، ولا أقصد كاف التشبيه وإنما ما تعرف بالكاف الاستعمارية، مثلا نقول: أنت كمستقل، ككاتب...

وأيضًا الإسراف في استعمال الفعل كان وأخواتها، وأيضا فعل يمكن وكما أسلفت الذكر الفعل يساعد، تُستعمل في اللغة الإنجليزية بإسراف وأصبحت دخيلة أيضًا على اللغة العربية ولأنّ بالمثال يتضح المقال، سنضرب مثالًا ذكره المترجم أحمد الغامدي.

النص العربي: " وأما هذا البيت الأيسر فأراه خاليًا لا شيء فيه، وما أرى لذلك باطل…" حي بن يقضان. 

الترجمة :

But the left one has nothing in it, I can see that it's empty.

I cann not believe it serves no purpose. 

لكن لو أعاد ترجمة هذا المقطع أحد ترجمة حرفية، فسيكون كالتالي:

وأما اليسار فلا شيء فيه، أستطيع أن أرى أنه فارغ، لا يمكنني أن أصدّق أنه لا يخدم أي غرَض.

ولو تلاحظون في كتاباتنا اليومية أصبحنا نستعمل، هذه الأفعال بشكل مبالغ فيه.

هذا مثال بسيط، وما أكثر الألفاظ الدخيلة فهل لديكم ألفاظ أخرى تخبروننا بها حتى نتجنّبها؟ وما رأيكم في الموضوع بشكل عام؟