كثيرة هي المواقف واللحظات التي نمر بها، نفرح فيها تارة ونحزن تارة أخرى، وتكون بذلك مجمل العواطف تؤثر بشكل أو بأخر على القرارات التي نتخذها في حياتنا، ونحن بني البشر مخلوقات انفطرت على العاطفة. ففي كتاب فن الإقناع للكاتب "هاري ميلز" وجدته يقول بأن "العاطفة تتفوق على المنطق "من خلال أنها تؤدي إلى تغيير السلوك بشكل أسرع مما يفعل المنطق، كما أنَّ العاطفة لا تتطلب مجهود في الشرح والتفسير كما يفعل المنطق لذلك فإنها تكون أكثر تأثيراً على المتلقي. ولكن، ماذا عن عاطفة الكاتب إذن؟

 عاطفة الكاتب هي الحالة التي تسيطر عليه حول موضوع معين يشغل فكره واحساسه، وتدفعه لتعبير عما بخلده من عواطف، وفي الغالب يعبر الكاتب عن مجموع من العواطف كالسعادة، الحزن، الخوف، الغضب، المفاجأة، الاشمئزاز..وغيرها، وهناك لحظات من الأحداث يدمج فيها الكاتب أكثر من عاطفة مثلا بين المفاجأة والسعادة أو بين الغضب والحزن ..الخ.

ولكن البعض من سيقول، بأن بعض الكتب لا تحمل أية عاطفة ومن ضمنها الكتب العلمية والفكرية، لكن ماذا لو قلت لك بأن معظم الكتب تحمل نسب متفاوتة من العاطفة، ولو لم يبدوا ذلك ظاهرا للعيان بين طيات الكلمات، فتأكد بأن اختيار الكاتب لزاوية محددة من المعالجة واعتماده على مصادر بعينها دون غيرها ومحاولة تأكيد مصداقية وجهة نظره يظهر عاطفته و ميولاته.

تقول الكاتبة الألمانية أن فرانك " لا يمكن تجاهل المشاعر، بغض النظر عن مدى ظلمها أو عدم امتنانها لنا".

لذلك المشاعر هي جزء من كيان أي شخص في هذا الوجود، والكاتب نفسه لا يمكن أن ينبذ عاطفته أو مشاعره، ومهما كان تدفق هذه المشاعر يتفاوت من كاتب الى أخر، 

الا أن السؤال المهم: من يواسي الكاتب العاطفي؟ عندما يعبر الكاتب عن جوارحه الداخلية وأسراره المكبوتة ويشاركها مع القارئ، من يأتي ليخبره بأن ما يمر به سوف يمضي، من؟

الكاتب العاطفي بارع في وصف اللحظات التي يمر بها القارئ، وكما أنه قادر على نقلنا الى عوالم أخرى مليئة بالعواطف الانسانية، ومادام الكاتب العاطفي موجود، فالكتب الجيدة موجودة، إذ يقول الكاتب آلان دو بوتون "إن ‏أفضَل أنْواع الكتُب ذلكَ الكِتاب الّذي يتركُك تتَساءل: كيفَ عرف المؤلّف ذلكَ عنّي؟ 

والعاطفة الأدبية تعد أهم عنصر في تشكيل النص الأدبي، ولعل العواطف الأليمة والقاسية التي تشعر المتلقي بألم عندما يقرأها هي الأصدق تعبيرا، والكاتب العاطفي بإمكانه أن يضمد جِراح قرائه ويخفف عنهم ..ولكن نزيف الكاتب العاطفي لا شئ يُوقف غير قلمه....

ماذا عنك، كيف تنظر للكاتب العاطفي؟ وهل روح العاطفة وجود في أعمالك الأدبية؟