الكثير من الكتّاب اليوم يكتبون و يقدّمون محتوى لابأس به، لكنهم لا يصلون إلى القارئ و لا ينال محتواهم التقدير الذي يستحقّه و ذلك بسبب نقص أو انعدام التسويق، و ذلك بسبب العقلية السائدة في مجتمعنا و هي أنّ التسويق لا يكون إلاّ للمنتجات الرديئة، صحيح أنّ هذا المعتقد كان ينطبق على المنتجات الاستهلاكية والغذاء و الأجهزة و مواد التجميل، لكنّه تعدّى ذلك ليصل إلى المحتوى الكتابي أيضا.

فكثيرًا ما تجد الكاتب يخشى التسويق لكتاباته و محتواه خوفًا من نظرة و حكم المجتمع عليه، فيستغرق في الكتابة فقط و يغفل عن تقديم نفسه للجمهور المستهدف على أنّ لديه قيمة يمنحها لهم.

أصبح التسويق اليوم أكثر ضرورة من صناعة المحتوى نفسه، خاصّة وسط المنافسة الشرسة في سوق المحتوى، التسويق للذات ليس وليد عصر اليوم، فلو عدتَ لتاريخ المؤلفين و الكتّاب في السابق لوجدتهم يسوّقون لأنفسهم دون حرج فقد قرأت أنّ أحد الكتاب العالميين بعد تأليفه لروايته كان يوزعها مجانا في الشارع، و حين تم رفضها كان يضعها في جيوب معاطف زملائه في العمل، و هنا نستشفّ ثقة هذا الكاتب بمحتواه لأنّه يدرك أن روايته وإن لم تكن ترقى للمستوى المطلوب هو موقنٌ بتطوّره، و واثق بحروفه و كلماته.

و قبل ذلك نستذكر قصة سيدنا يوسف عليه السلام وهو يسوّق لنفسه و مهاراته بكل ثقة حين قال: " و اجعلني على خزائن الأرض ِِ إنّي حفيظ عليم" يوسف 55 . و من الآية الكريمة، نستخلص ثقة سيدنا يوسف بالقيمة التي سيقدّمها للعزيز.

على كل كاتب محتوى أن يسعى لبناء جمهور وفيّ باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن ينطلق في مشواره، و من ثمّ سيقوم هذا الجمهور بالتسويق له شرط أن يقدّم محتوى يستحق و يكون قادرًا على الاستمرارية.

أن يقدّم كتاباته كمحترف، لأنّ الكتابة ليست مجرّد شيء يفعله و إنّما هي قيمة و رسالة تنبض بالحياة.

أن يقدّم محتواه لمن يقدّره، فإن لم يكن هو نفسه يحترم و يقدّر قيمة نفسه فلن يقدّره أحد.

أن يبحث في حاجات جمهوره و آلامهم ليقدّم لهم خدمة، و يحلّ مشكلة و يمنح بدائل، و هنا تنقلب الموازين، ليصبح العميل يبحث عنه وليس العكس.

و لن يعرف النّاس كم أنت عظيم إن لم تسوّق لنفسك .فهل تعتقدون أنّ التسويق هو بأهمية الكتابة أم يسبقها؟ و ماهي الوسائل التي ترونها اليوم هي الأفضل في التسويق للمحتوى دون أن يشعر الكاتب أو المدوّن أنّه متفاخر أو يخجل من أن يُشار إليه أنّه مغرور و متكبّر؟