أنا بطبعي قاريء نهم، لا يشبع أبدًا من القراءة. ومن عادات القراءة لديّ التي لا تعتبر جيدة نوعًا، هو ضرورة قراءة كل ما يقع تحت يدي من كتب أو روايات. ولكن بعد قراءة تلك الروايات الثلاث، أظن أنني سأفكر جديًا في تغيير هذه العادة.

الروايات الثلاث انخدعت بعناوينها – وعناوينها جذابة والحق يُقال – ولكن بعد القراءة، تمنيت لو مزقت الكتاب بعد الانتهاء منه غيظًا.

بالطبع، رأيي في الروايات رأي شخصي بحت. قد تكون الروايات قد أثارت إعجابك، ولكن أنا أعبر عن رأيي في الروايات بشكل شخصي، وحسب طبيعة خلفيتي العلمية والأدبية، وميولي الأدبية بشكل عام.

الرواية الأولى: 6 إنش - أحمد حسين أبو الرجال

العنوان جذاب، ومقدمة الرواية أكثر جاذبية، تحمل أجواء مايكل سكوفيلد (بطل مسلسل Prison Break) الدقيق الحساس الذي يلاحظ كافة الأشياء من حوله، ويتنبأ بما ستكون عليه النتائج. هذا هو بطل الرواية يوسف أصلان. ولكن فجأة تتشعب أحداث الرواية وتختلط (ولا اعتراض على هذا) ولكن بدون أي كيان متماسك.

الرواية طويلة للغاية بدون داع. استغرقت من الكاتب 4 سنوات للكتابة، وربما هذا سر اختلاف بدايتها عن نهايتها. الرواية تحوي الكثير من الثغرات، والأسئلة التي لم يتم الإجابة عليها (من هو حاتم الأسود؟ ما علاقة والد الضابط بحاتم الأسود؟ ولماذا لم يتحدث عن هذه العلاقة في الرواية على الرغم من أنها كانت لحظة غلق جيدة؟ كيف يسافر يوسف أصلان إلى الإسكندرية ويعود أكثر من مرة في نفس اليوم؟ ما هو سر قدرات حاتم الأسود الخارقة التي لم توضحها الرواية حتى آخر سطر؟ .....الخ) والكثير من الأسئلة التي ليس لها إجابة.

كان من الممكن أن تكون (لحظة التنوير) في نهاية الرواية رائعة، لو كان تم العناية بالشخصيات على نحو جيد، ولكن لحظة التنوير بدت ركيكة ضعيفة، وكأن الكاتب بدأ الرواية، ثم لم يجد ما ينهي به كل هذا الغموض، فانقض على لحظة تنوير غير متوقعة لينهي بها الرواية وحسب.

كذلك خلط العامية بالفصحى في الكثير من المواطن، من الأمور المرفوضة. في الكتابة يوجد سيناريو ويوجد حوار. في الحوار لك مطلق الحرية في اختيار اللغة ما بين العامية والفصحى، ولكن يجب أن تثبت على لغة موحدة للرواية كلها، حتى لا تسبب عدم انسجام للقاريء، ولكن أن تنتقل ما بين الفصحى والعامية بهذا الشكل، فهذا مرفوض. أما السيناريو فلا خلاف على أنه يجب أن يكون بالفصحى.

أسلوب الكاتب – على الرغم من جودته السردية – إلا أنه يحوي الكثير من الغموض في الوصف، وكأنني أرى الشخصيات معه، فلا داعي للمزيد من الوصف في ظنه. بالإضافة إلى أنه كان يصف نفس الشخصية، بأكثر من صفة تميزها (كأن يصف شخص ما بالأعرج في فقرة، وينعته بهذا الوصف طوال الفقرة، ثم ينتقل بعدها إلى صفة أخرى فيه كالعصبية، فينعته بالعصبي في فقرة أخرى، وبهذا يتشتت القاريء) غالبًا مشاهد القتال كلها كانت مليئة بالغموض بسبب تكرار الوصف.

بشكل عام، الرواية لا تستحق صبرك عليها 550 صفحة حتى تكتشف في النهاية لحظة تنوير ضعيفة لا تستحق كل هذا الانتظار.

بالمناسبة، عنوان الرواية ملوش أي علاقة بالرواية. ومفيش في الرواية حاجة طولها 6 إنش غير خنجر ملوش أي معنى ولا استخدام ولا ضرورة ولا علاقة بحبكة الرواية.

الرواية الثانية: 313 – عمرو الجندي

إذا أردت رواية تحمل اسم الملل والسأم والبطء والكآبة، فلن تجد رواية أفضل من هذه.

الرواية كئيبة، مملة، طويلة، وصف المشاعر فيها مبالغ فيه بشكل ممل. كم التوتر والترقب لا يرقى أبدًا للحظة التنوير في نهاية الرواية. أحداث الرواية قصيرة جدًا، فهي لا تركز على الأحداث وإنما على المشاعر. والمشاعر سلبية مليئة بالكآبة والضياع واليأس والعذاب إلى حد لا يوصف، حتى أننى شعرت بكآبة شديدة وأنا أقرأ الرواية، وكآبة أشد بعد نهايتها المؤسفة للبطل.

الرواية أوروبية الطابع، على الرغم من أن الكاتب عربي. كوني أقرأ رواية لكاتب عربي، يدفعني التساؤل الطبيعي إلى البحث عن أبطال يحملون اللسان العربي في الرواية، ولكن الواقع هو أن الأبطال غربيون، والأماكن غربية، والطابع غربي، والشخصيات غربية، والأحداث غربية بحتة، لا تمت إلى الصبغة العربية بقريب أو بعيد. الرواية تحمل طابع الروايات الأجنبية المترجمة، فلا تشعر معها بدفء الروائي العربي. فلو كان عمرو الجندي كتبها باللغة الإنجليزية، ونشرها بهذه اللغة فقط، لكان أفضل.

طول الرواية مستفز للغاية، والإسهاب في وصف المشاعر مستفز أكثر. هناك مشهد لا أنساه في هذه الرواية، حينما كان البطل في غرفته، وهناك من يطرق الباب. على مدار صفحة ونصف والبطل يصف مشاعره ناحية من يطرق الباب، وأنه قد يكون كذا وكذا، وقد يفعل به كذا وكذا، وفي النهاية – بعد صفحة ونصف من العذاب والكآبة – نجد من بالباب؟ تخيل من؟ إنه صبي الكواء، أتى ببدلة البطل التي طلب كيها (أه والله زي ما بقولكم كده).

حتى الحبكة ولحظة التنوير أوروبية الطابع جدًا، ونهاية الرواية سخيفة وكئيبة، غير مشجعة على الحياة على الإطلاق.

الرواية الثالثة: رافي بركات – عمرو خالد

حقيقة كنت أتمنى أن أتحدث عن هذه الرواية باستفاضة، ولكن كم المرار الذي عانيته منها يمنعني. عامة كتبت عنها تقرير تفصيلي على موقعي قرأت لك، يمكنك قراءته إن أحببت.

الرابط:

ولكن بشكل عام، إذا كنت تعاني من مشاكل في المرارة، فلا داعي لقراءة هذه الرواية، فستكون ضربة قاصمة لمرارتك.

في الختام، سؤالي: هل هناك رواية قرأتها، وندمت على قراءتها؟