The Death of Ivan Ilyich: لماذا نغير قراراتنا ومواقفنا عندما ندرك اقتراب الموت؟

فلماذا نتحرر من الخوف ونغير مسار الحياة في لحظات الخطر والخوف من الموت فقط؟

لأننا ندرك أنه لا مزيد من الوقت للتأجيل فنضطر هذه المرة للإقدام والتعجيل، لا يهم ما سيترتب على قولنا أو فعلنا الأخير في النهاية نحن مودّعون، وفي أحيان أخرى تكون فكرة اقتراب الموت هي تذكير لأمور نسيناها، وهذا يذكرني بمقولة تُنسب إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قرأتها لأول مرة في رواية تسعة عشر للكاتب أيمن العتوم وأثارت اهتمامي جدًا، وهي:

"الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا"

الموت منبه، ولذلك حتى ذاك الذي ظلم وسرق وارتكب كل أنواع الشرور، إذا ما اقترب أجله وطرق الموت بابه تذكر الحساب الذي كان في غفلة عنه كل عمره، ولذلك دائمًا ما ينصح بالتفكير في اقتراب الموت كطريق لتصحيح أعمالنا ومساراتنا، كفى بالموت واعظًا.

هذا يعني أننا نعيش في وهم كبير أسمه الدنيا، نرتكب فيها المعاصي والذنوب دون أن نبالي، وقد نسلك طريق التوبة أحيانًا وسرعان ما نعود لذنوبنا مرة أخرى وهذه طبيعة البشر، وقد سمعت أن الفرد منا يشعر باقتراب أجله قبل الموت بمدة، وفيها تتغير عاداته ويحاول أن يصحح بعض الأخطاء ويعيد التواصل مع الأحباب وكأنه يودعهم، ويحدث نفس الشيء في لحظات الخطر، على سبيل المثال عندما يتوقف المصعد الكهربائي فجأة في أحد الطوابق العليا نتيجة انقطاع الكهرباء، حينها قد نقرأ الأذكار والقرآن كاملًا لو نستطيع في سبيل حل المشكلة وإنقاذ حياتنا، وهذا شيء طبيعي سيظل صفة من صفات الإنسان مدى حياته، والرابح فقط في هذه الحياة هو من يحقق الغرض الذي جاء إلى الدنيا لأجله وهو العبادة، ويموت بعد التوبة من جميع المعاصي.

يقول جبران خليل جبران "لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت." فلو أدركنا هذا الأمر في حياتنا لما ندمنا على شيء أو تحررنا من خوف ما، فمنها نعلم أن حياتنا هي مرحلة ما والنهاية هي الموت هذا الشيء المؤكد في الحياة، أما في لحظات الخطر من المنطقي أن يعمل العقل بألية دفاعية بسبب الأدرنالين فيتذكر المرء العديد من الأشياء وبالتالي يرتبك ويمكن بعد انقضاء الخطر أن يغيير مسار حياته كلها.

تساؤل عميق فعلا. أظن أننا عند مواجهة الموت، تزداد الحياة وضوحا وجلاء فجأة، وتتكشف الحقائق. كل ما كنا نخافه، ونهابه، ونتجنبه، ونؤجله أصبح بلا قيمة مقارنة بالنهاية القادمة علينا. ربما السبب هو أننا ندرك أننا إذا لم نتحرك الآن، فكل شيء مررنا به هو بلا معنى. إدراكنا للنهاية يجعل كل شيء يبدو تافها وصغيرا.

التحدي هو أن ننقل هذا الوعي لحياتنا اليومية دون أن ننتظر مواجهة الموت. إدراك أن الحياة قصيرة، وغير مضمونة، وأن نتخذ القرارات التي لن نندم عليها إذا قابلنا نهايتنا.

هذا لأننا نعرف أن الموت حقيقة لكننا نرفض أن نصدق أنه قريب، فمعظمنا لديه طول أمل بأنه سيعيش لأطول ةقت ممكن، حتى ولم يقل ذلك صراحة، فقط عندما يدرك اقتراب الأجل يتذكر حقيقة الموت، وكيف أن حياته كانت قصيرة جدًا لتتسع لكل آماله وطموحاته.

لعله باقتراب الموت لن يكون موجودا ليشهد مخاوفه التى تمنعه، فلو اعترف لأحد بحبه وجاءه الموت فلن يتاح له الوقت ليشهد خذلان هذا الحبيب

الموت شفاء كل داء أرى هذا

ولعل الموت يظهر لك الحقائق واضحة فلو أحد بعيد عن الله لطول أمل، فعندما يستشعر قرب أجله يرى أنه لا مفر من لقاء الله، فيتقرب إليه ويفر منه إليه، أو بالموت يكون البصر حديد وتهمد كل شهوة فلو أن أحدهم استيقظ وهو يعلم أن لا مساء سيأتى عليه سيحاول جاهدا أن يقضى ما عليه قضائه، سيكون مقتصد فى حبه وكره على سواء فدقائق ولن يكون له أثر.

ولعل من الحكمة أن الموت غيب لا يعلمه إلا الله أن نكون على استعداد له دائما، أن لا نتمسك بالشئ تقريبا سنفارقه أن ندع للأخر القرار فى البقاء أو الفرار فعل كل سنغادره عن قريب