في بعض الحالات التي نتعرض فيها لجرح بسيط قبل أن يلتئم يكون لدينا شعور بالحكة ولو بدأنا بلمس هذا الجزء الذي يسبب لنا ألم خفيف يزد من رغبتنا في الحكة والشعور بهذا الألم يفرز الدوبامين، والدوبامين هو هرمون يفرز في الجسم ويعتبر مؤشر للسعادة والعلماء يعتمدون على الدوبامين لقياس الإدمان فكلما زادت نسبة الدوبامين زادت تجربة الإدمان.
واكتشفت في الكتاب أن "أحد أبرز الاكتشافات العلمية العصبية في القرن الماضي هو أن الدماغ يعالج اللذة والألم في نفس المكان" بمعنى أن الألم بالفعل يمكنه أن يجعلنا نشعر بالسعادة لأنه عند شعورنا بالألم يفرز الدوبامين لموازنة اللذة والألم، وتطرقت آنا ليمبكي الطبيبة النفسية إلى شرح الاستفادة من تحويل الألم إلى متعة في حالات مثل الصوم المتقطع أو الحمام البارد الذي يضغط على مراكز الألم في الجسد فيفرز الدوبامين ولأن طبيعتنا هي الهروب من الألم ففي نفس الوقت لو تعرضنا للألم بشكل مكثف فسيكون إدمانا! مثل الألم الذي يصل له لاعبو رياضة كمال الأجسام فيما يسمى بالفشل العضلي حيث تضخم وتنمو العضلة فيصلوا إلى معدلات ألم جديدة وفي كل مرة يضغط على نفسه فالألم يصر مصدر سعادة له! فهو يطارد الألم وأدمنه، وهو مشابه لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي.
ولأن الإدمان له علاقة وطيدة بكيمياء المخ نفسها فالمخ يبحث عن مكافأة له مقابل أي مجهود تبذله، وفكرة مطاردة الألم يمكن رؤية جانبها السلبي سواء من الإدمان على المخدرات أو السلوكيات المتطرفة الأخرى أو حتى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، فهل يمكننا تحويل الألم إلى متعة؟ وخاصة أن عقلنا عندما نتعرض لشيء ما ويشعرنا بالسعادة واللذة فالقليل منه لا يكفي؛ لذا... نبحث عن المزيد والمزيد حتى لو سبب لنا ألم جسدي أو إحساس بالألم بسبب الندم والقسوة على الذات، ولكن لو استطعنا الموازنة ما بين الألم واللذة فسنحقق المعادلة الصعبة بالاستفادة منه وهذا ما يهدف إليه الكتاب.
فلو كنت تخشى السباحة عليك باستغلال خوفك هذا لتعلم السباحة! فطريقتي لهذا الأمر أنني أحيانا بالفعل أخذ حمام الماء البارد لأشعر بالانتعاش لأمارس مهام يومي وأتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بنظام المكافأة حيث أستخدمها بعد الانتهاء من عملي وكل الأشياء المهمة التي أفعلها أتجنب تماما وسائل التواصل أو الالتفات إليها فحينها تكون بمثابة تعويض. فبدلا من الهروب من الألم الذي يرتبط بالاستخدام المفرط لها وتأنيب الضمير أو الألم الذي أشعر به فور ملامستي للماء البارد أو التفكير في أشياء حدثت من شخص تجاهي بسبب سلوكه، فأقوم باحتضان الألم لاستفاد منه ليكون دافع لي للتحرك للأمام وليس لإدمانه. فكمْ من البشر يدمنون سلوكيات غريبة بحثا عن اللذة! أو الاستمرار في علاقة سامة دون وعي وإدراك أن هذه العلاقة والألم الناتج عنها أصبح إدمانا بالفعل.
التعليقات