أغلبنا سمع عن عبد الرحمن الجبرتي وكتابه المشهور بتاريخ الجبرتي وهو كتاب تاريخ يسرد الأحداث التاريخية في مصر وخاصة أثناء الحملة الفرنسية على مصر ولكن الكتاب الذي أتحدث عنه اليوم هو دراسة نقدية في كتاب الجبرتي نفسه وهو الانتلجنسيا المصرية لصلاح عيسى وفي هذه الدراسة يقدم لنا صلاح عيسى نقدا واضحا لأفكار الجبرتي في كتابة التاريخ وكيف وقع الجبرتي في الكثير من الأخطاء سواء في نقل الأحداث التاريخية أو تفسيرها وخاصة أن الجبرتي كان في بعض الأحيان متحيزا ضد الثورات التي يفعلها المصريون ضد المستعمر ورأى أن تحركاتهم ضد المستعمر تسببت في الكثير من الضرر.

وأوضح صلاح عيسى أن سبب قول الجبرتي هذا إنه كان بالفعل في مجتمع فاسد ولم يقدر الجبرتي أن ينجو بنفسه من الأفكار الخاطئة في بعض الأحيان فهو في الأخير بشر ولديه أخطائه. وهذه نقطة هامة في الكتاب وهي النقد الواضح والبناء وليس مجرد نقد للأخطاء فقد أثنى على أهمية كتاب الجبرتي وخاصة أنه كان يؤرخ لأحداث عاشها بالفعل ورآها بعينه وحتى بالأخطاء التي وقع فيها فهي تعطينا صورة أشمل للمجتمع نفسه وأفكاره وقتها.

وكما يقول سلفادور دالي "النقد لا يستحقه إلا العباقرة" فلماذا يتم التعامل في مجتمعنا في الغالب على أن النقد شيء سلبي وضار ونعترض على من ينقد شخصيات تاريخية؟ فهم في الأساس بشر يصيبون ويخطئون، قد أتفهم لو أن بعضنا لا يحب أن يتم نقده ولكن النقد للتاريخ وللماضي يعطينا صورة واضحة عن مستقبلنا وحاضرنا وهذا أشار إليه صلاح عيسى في دراسته بأنه حتى أن بعضا منا يتعامل مع الكتب التاريخية دون تقديس ولكننا عاجزون عن إعادة فهمها وتفسيرها بصورة كاملة ونظرة شاملة.