في 2022 نشر كتاب رشيق لجورج أرويل بعنوان: هل نحن ما نقرأه"، جمعت فيه مقالات متفرقة سبق ونشرها بين عامي 1936/1946، تدور مواضيعها حول موضوع واحد هو ماهي الكتب الجيدة والسيئة، وهل الكتب التي نقرأها تعكسنا بالفعل؟

يقول ارويل أن الناس غير مولعين بالكتب حتى لو بينوا اهتمامهم بها، وأنهم لا يفرقون فعليا بين ما الكتب الجيدة والرديئة، بل والأكثر غرابة من هذا أن أكثر من يشتري الكتب هم النساء، اللوات يشترين الكتب كهدايا لأبناءهم وأخوتهم، كما ان معظم الناس في نظره مصابون بالبارانويا أو جنون العظمة، فمن خلال تدقيقه لزوار المكتبات، وجد أن الناس على صنفين، صنف مولعون بإنفاق المال، فهم فيأتون للمكتبات ويختارون أجود وأندر وأغلى الكتب، ثم يبينون نيتهم في الشراء، لكنهم يتركونها على الرفوف ويغادرون لا يشترونها، يتطفلون على الكتب لإشباع هوسهم بوهم انفاق المال، أما الصنف الآخر يشتري كتب رخيصة، أو يبحثون عن كتب في مخيلاتهم، كأن تأتي سيدة تبحث عن كتاب نسيت عنوانه واسم صاحبه، وتحفظ فقط لون علافه الأحمر مثلا، أو أنهم يأتون ليستبدلوا أو يبعوا كتب قديمة.

لهذا يرى ارويل أن الاذواق والشخصيات الحقيقية للقراء لا تظهر من خلال المبيعات في المكتبات، بل في اقسام اعارة الكتب، فخلافا عما يقولون أنهم يفضلونه، سنصدم من اهتمامهم بالموضة وراجع شعبية الكتب الكلاسكية العريقة، فقد صار من غير المجدي اقتراح ديكنز أو جين أوستن وغيرهم في مكتبة عاديّة، فرغم ان الجميع يطمح لقراءتهم لكنهم في الواقع يُنظر إليهم كمجرد أيقونات أو شخصيات شبيهة بالكتاب المقدس.

في رأيي اورويل محق تماما في هذا، فكثيرا ما لاحظت أن الجيل الشاب اليوم الذي ألتقيه في المكتبات لا يريد اقتناء كتب المنفلوطي أو طه حسين أو المتنبي، بل ويتجه معظمه نحو كتب هامشية مثل كتب اغاتا كريستي رغم أنه يعتقد أن له ذوق رائع في القراءة.

ما تحليلك ورأيك في موقف جورج ارويل، هل تؤيده أم تخالفه ولماذا؟ ماهو سبب اعتقاد الكثير من القراء أن ذوقهم رائع في القراءة لكنهم في الحقيقة لا يقرأون كتب جيدة فعلا؟