كثيرون هم الذين يسعَونَ للنجاحِ ويتحيَّنون فرصَهُ، فمنهم من يمشي ومنهم من يُهرولُ ومنهم من يجري. إنهم في سباقٍ دائمٍ لا يتوقف. غايتُهم الوصولُ إلى النهايةِ. وأينما وُجِدتْ عندهم الهمةُ وُجِدتِ القمة.

يتنافسُ الناجحون مع ذواتهم أولاً ثم مع الآخرين. يعبرون حدودَ الزمنِ لتحقيقِ أكبرِ قدرٍ ممكنٍ من الإنجازاتِ. كلُّ دقيقةٍ تمرُّ أهمُّ من الدقيقةِ السابقةِ. الناجحون هم الذين يعدِّدون إنجازاتِهم في كلِّ ساعةٍ وتراهم لا يملّون ولا يكلّون.

هل تعلمُ أنّ الناجحَ يحتاجُ منا لوقفةِ تأمل؟

نحتاجُ لقراءةِ سِيَرِ الناجحين منذ أنْ خلقَ اللهُ الأرضَ ومن عليها، نحتاجُ أن نتعمقَ في التاريخِ ونعيشَ معهم لحظاتِ النجاحِ وكيف خططوا لها وكيف تجاوزوا الصعوباتِ ليصلوا إلى أحلامِهم وطموحاتِهم. كيف استطاعَ الأنبياءُ عليهم السلام وأتباعُهم الوصولَ للقمةِ. نحن بحاجةٍ ماسةٍ أن نتأملَ طريقتَهم في الحياة، كيف عاشوا وكيف مرتْ عليهم الساعاتُ والأيام.

إنَّ الصحابة رضي الله عنهم خيرُ دليلٍ على النجاحِ والإصرارِ، فليس من احتكَّ بزمنِ سيدِ الناجحين صلى الله عليه وسلم كغيرهم. لقد عاصروه صلى الله عليه وسلم وتعلموا منه الكثيرَ وكانوا لمن خلفَهم آيةً في الإقدامِ وتحقيقِ الأحلامِ.

كيف يفكرُ الناجحون؟ كتاب لجون ماكسويل يخبرنا ما السرُّ وراءَ نجاحاتِ أولئك الذين صعدوا إلى الأعلى. ماذا بذلوا وماذا تركوا من أجلِ الوصولِ. نستطيعُ أن نصل إلى ماوصلوا إليه بالاستفادةِ من طريقةِ تفكيرِهم وأسلوبِ معيشتِهم وابتكارِ أنماطٍ جديدةٍ نافعة.

الأسئلةُ التي كان يردِّدها والدي في كلِّ مرةٍ تحصلُ فيها صديقاتي على علاماتٍ أعلى مني: “لماذا هناك من هي أعلى منكِ، بماذا تفوقتْ عليكِ، ما الفرقُ بينك وبينها؟” على الرغم أنَّ تلك الأسئلة كانت تزعجني إلا أنها دعوةٌ لمعرفةِ السرِّ وراء تفوقِ الأخريات وأسبابِ تقدمهن والحذوِ حذوهن.

ماذا أفعلُ كي أنجحَ؟

لستُ ممن يحبُّ التنظير ويقفُ على أطلالِ السابقين. فإن لم نتقدمْ بخطواتنا نحو الأمامِ بطريقةٍ عمليةٍ فلن نذوقَ طعمَ النجاحِ. هناك طرقٌ عدة تعطينا حافزاً لنكونَ في مصافي الوثّابين إلى العلياء.

دونكم مصابيح للنجاح:

١. استعنْ باللهِ ولا تعجز

كانت هذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم ليبقى المسلمُ قوياً قادراً على مواصلةِ السيرِ في دروبِ الحياةِ. إنها سلاحُ الناجحين أصحابِ الإنجازاتِ مصحوبةً بترديد (لا حول ولا قوة إلا بالله). تيقن أنك ستصل.

٢. ضع حلمك أمام عينيك

مهما تعرضتَ لمنغصاتٍ وركلاتٍ في الحياةِ لا تتخلّ عن حلمك ولا تيأسْ، انقذ حلمك مهما توالت الخطوبُ فيوماً ما سوف يتحققُ بإذن الله تعالى. احمله على كفك وكلما شعرتَ بالإحباطِ انظر إليه.

٣. ثابرْ وصمّمْ

حتى تطأَ الأحلامُ أرضَ الواقعِ لا بد من المثابرة والتصميمِ. الاستغناءُ عن الأحلامِ والطموحاتِ يعيدُك إلى الوراءِ مليون خطوة. اقدم ولا تُحجم.

٤. ذلِّلْ عالمَك من أجلِ حلمك

تحتاجُ أن تهيئ ظروفَك تبعاً لطموحاتك. افعلْ ما يمليه عليك حلمك. مهّدْ الطريق لتحقيقه فطريقُ النجاحِ وعِرٌ وملىءٌ بالتعرجاتِ. قد تستصعبُ أحياناً السيرَ في طريقٍ طويلٍ للوصولِ إلى مكانِ عملك وتستثقلُ فعلَ ذلك كلَّ يومٍ ولكنْ مع الوقتِ وتكرارِ الذهابِ تُطوى لك الأرضُ وتشعرُ بقِصَرِ الطريقِ وسهولتِه بل وبالرغبةِ في السيرِ بكلِّ همّةٍ وأريحيةٍ. اعتيادُ الأمرِ جعلك تستسهله. لقد اعتدتَّ ذلك لأنّك مضطر والتحدي الأعظم أن تعتادَ على أمرٍ اختياري، كالنومِ مبكراً والأكلِ الصحي والنزهةِ مع الأهلِ وهكذا في كلِّ العاداتِ الثقيلةِ على نفسِك.

٥. طوِّر طريقةَ تفكيرِك

“يُقاسُ الناجحون بقدرتِهم على التفكيرِ” ديفيد شوارتز. إن لم تعانقْ طريقةَ تفكيرك السحابَ وتتمتع بالإيجابيةِ فلابد من وقفةِ مراجعةٍ مع الذاتِ وكما قيل “غيّرْ تفكيرَك تُغيّرُ حياتَك”.

٦. خططّ للنجاحِ

النجاحُ بحتاجُ لتخطيط. اكتبْ أحلامَك في ورقةٍ ولماذا هذا الحلم بالذات وما الذي ستنجيه عندما يتحقق. وما العقباتُ التي قد تواجهُك وكيف تذلِّلُ كلَّ عقبةٍ.

اصنع جدولاً فيه عمودٌ للأحلامِ وآخرَ للأهدافِ وثالثاً للعقبات. فسّرْ اسهبْ حَدّدْ واكتبّ كلَّ ما لديك واجعلْ نظرتَك شموليةِ للأفكارِ المعروضةِ أمامك.

٧. أزلْ العقباتِ البشريةِ من طريقِكَ

إنْ كنتَ تحاولُ تحقيقَ أحلامِك ولكن محاولاتك سرعان ما تبوء بالفشلِ فهناك احتمالية أنّك محاطٌ بالعقباتِ البشريةِ المختلفةِ؛ السلبيين، المعقدين، المضطربين نفسياً، الواهمين، النرجسيين وغيرهم الكثير. نصيحة: تخلص منهم كما تتخلص من البقع السوداء في الثوب الأبيض، واعقد العزمَ على إحاطةِ نفسك بالبدائلِ إن توفرت؛ الإيجابيين، الطموحين وغيرهم. وإن لم تتوفر فلست بحاجةٍ لأحد.

هل للنجاحِ خلطاتٌ سريةٌ؟

هذا السؤالُ وأمثاله يجعلُ النجاحَ عند البعضِ من المستحيلاتِ بل ولا تنفعُ فيه المحاولة. فطالما أن هناك خلطات سرية مبهمة يكتنفها الغموض فهذا يعني أن النجاحَ ضربٌ من ضروبِ الخيال. وما تلك إلا رسائل سلبية تحبط قارئها وتبرمج عقله على أنك لست من أولئك الذين ينجحونَ فلا تُتعبْ نفسَك بالمحاولة.

لا تصدق تلك الرسائل المحبطة ولا تلتفت إليها. كل مافي الأمر أن الهمةَ طريقُ القمة، إن فقدتَّ الهمةَ فستفقدُ معها روحَ كلُّ شيء. إنْ كنتَ ممن تنوي النجاحَ فعالج ضعفَ الهمةِ أولاً ثم انطلق إلى عالم الناجحين.