ذات مرة وأنا أتصفح الكتب في شارع شهير في مدينتي وقع في يدي كتاب ضخم. قلبت صفحاته وعلمت أنه لكاتب أمريكي أسود يحكي قصته مع العبودية. سألت الكاتب عن ثمنه فنظر إليه وابتسم وقال: رواية ببلاش! شكرته ثم سألته مجدداً فقال: 3 جنيهات! تأبطت الكتاب ومشيًتُ أمنًي نفسي بقراءة ممتعة ! بيْد أن ظني قد خاب؛ فالرواية ينطبق عليها قول المتنبي:

أعيذها نظرات منك صائبةً                أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورمُ!

فالرواية رديئة وقد خدعني جرمها الضخم؛ فلا تشويق ولا إثارة ولا حقائق عن العبودية ولا ولا ...إلخ! علمت حينها أنً الكتب لا تقاس بعدد صفحاتها!

نفس الإحساس انتابني وأنا أقرأ رواية" كن خائناً تكن أجمل"! فهي ليست بكبيرة الحجم ولكنها تعجً بالأخطاء اللغوية والنحوية ! وفكرتها تافهة مبتذلة ليس فيها جِدًة ولا طرافة. فكرتها تدور حول شاب مُعلم أوقعته زميلته الجميلة بحبها فهام بها. عارضته عائلته فعصاها وتزوج بها. شك فيها في بداية زواجهما غير أنه هجر سوء الظن وأكمل معها وأنجب منها أطفالاً ثم راح الشك يتسرب إلى نفسه وتيقن من خيانتها أخيراً وطلقها. ضعف قلبه وحًددت له زراعة قلب غير أنه مات غماً ولقت هي حتفها بالحرق جزاءاً وفاقا!

الأسلوب ركيك والكاتب يُغًني في بدايات فصولها أكثر مما يسرد فتذكرت قول النقاد عن مسرحيات شوقي: أنه غنًى أكثر مما مثلً! كذلك فالكاتب يحذر القراء: يُمنع قراءة هذه الرواية من قبل الشباب المقبلين على الزواج ومن هم في مرحلة الخطبة؛ لأن قراءتها قد تتسبب في انهاء زواجهم قبل أن يبدأ...! غير أنّ هذا التحذير لا موضع له. فالشباب لن يرتاب في جميع الفتيات لأن روان (زوجة عبد الله بطل الرواية) حالة فردية تمثل نفسها ولا تمثل كل بنات حواء. روان كان لها ظروفها من نشأة وقيم ومعتقدات فريدة أفرزت تلك الشخصية. الحقيقة أني بالكاد أتممت تلك الرواية لتفاهتها وربما قد يكون العذر الوحيد هو أنها أولى روايات الكاتب! فهل ذلك يُعدً عذراً مقبولاً؟

 وسؤالي هنا: هل على شباب الكتاب أن ينتظروا ريثما ينضجوا قدراتهم التأليفية والكتابية؟ أم يلقون بأنفسهم في البحر ويتعلمون السباحة وهم يمارسون؟ ماذا تقعلون حيال الروايات التي تعدونها قليلة القيمة: هل تتمون قراءتها أم تلقونها وراء ظهوركم؟