“إن المصريين لايحبون المنطوى، ولا يستريحون له بشكلٍ عام.. إنهم يفهمون أن تكون وقحاً، أو أن تكون صاخباً، أما أن تكون منطوياً مهذباً غامضاً، فهم يظنون بك الظنون”. في مواساة للإنطوائين من الدكتور خالد توفيق في كتابه أسطورة آكل البشر..

دائمًا ما كان يخطر في بالي أن أقوم بعمل تجمع للإنطوائيين لدعم بعضهم البعض بسبب الصراعات النفسية التي أصبحوا يعيشون فيها في عصرٍ سمته الأساسية هي الانفتاح. كنت أتمنى أن أطلق على هذا التجمع اسم "انطوائي ولكن.."، انطوائي ولكن لديه ثقة بالنفس، انطوائي ولكن ليس خجولًا، انطوائي ولكن ليس ساذجًا، انطوائي ولكن تجذبه المحادثات العميقة، انطوائي ولكن يستطيع الضحك، رافعةً شعار "نعم للانطوائية"، أو "تقبلونا كما نحن".

"قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام" هو عنوان كتاب لصاحبته المؤلفة سوزان كين.. وفيه تحدثت عن تجربتها الشخصية في إدراكها لقسوة المجتمع عليها لأنه يريد تحويلها بالقوة من شخص انطوائي إلى اجتماعي؛ حتى تصبح شخصيتها مناسبة للمعايير التي حددها للشخصية الناجحة.

وفيه أيضًا ترفض تعريف الشخصية الانطوائية على أنها اضطراب نفسي، بل هي مجرد نمط من الشخصيات؛ فالانطوائي ما هو إلا شخص لا يحب التواجد في أماكن مزدحمة أو لا تناسب شخصيته الهادئة المُفكِرة والتي تستمتع بالتركيز في العمل بعيدًا عن المشتتات.. هذا الاتجاه ضد الشخصية الانطوائية والتحامل عليها لم يظهر إلا بعد الثورة الصناعية، وأنها كانت مُتقبَلة قبل ذلك الوقت. ناهيك عن أن الكثير من رواد الأعمال والعلماء والرموز البارزة حاليًا من الانطوائيين.

بعض الأبحاث أكدت أن الإنتاجية لدى الشخصية الانطوائية تكون أعلى منها لدى الشخصية الانبساطية؛ ذلك أنهم يستطيعون التركيز لأوقات طويلة وبشكل أعمق عند القيام بأعمالهم، -كما ذكرت- وأن عقلهم بارعٌ في إنتاج الأفكار، وأنها تصلح لأن تكون شخصية قيادية (على عكس المتوقع).

أما عني.. فبعد الكثير من الصراعات، قررت أن أتقبلني كما أنا، فلأتصالح مع نفسي ولا أسمح للمجتمع بأن يشعرني بأنّ لدي خلل ما عليّ إصلاحه وإلا هلكت.. انتهى الموضوع.

أنا أراهن على وجود الكثيرين من الإنطوائيين هنا، فشاركونا أراءكم حول الإنطوائية؟

هل أنت انطوائي أم انبساطي أم خليط بين الاثنين؟وإذا كنت انطوائيًا، هل تشعر بأن المجتمع يدفعك نحو الانفتاحية رغمًا عنك؟