هناك العديد من الأقوال المأثورة التي تنتشر سريعًا على الإنترنت ومنها قابلني قول نيتشه في كتاب "في جينالوجيا الاخلاق" أن للأخلاق معايير جمالية فإن قتلت صرصورًا فأنت بطل بينما لو قتلت فراشة فأنت شرير" رغم أن فعل القتل ثابت. 

والفكرة حقًا مرعبة عندما نفكر فيها فرغم أن الأثنين كائنات حية إلا أننا نكره أحدها ولا نمانع وجود الآخر وللأمر أسباب بالطبع لكن هل حقًا تعد الأخلاق نسبية عندما نتحدث عن الجمال؟ وهل نفعل ذلك دون وعي في أشياء مهمة أكثر من الفراشات والصراصير؟

 فرق الفيلسوف الألماني بين نوعين من الأخلاق سماهما أخلاق العبيد وأخلاق السادة. فأنماط الأخلاق مرتبطة بالطبقات الحاكمة والمحرك الرئيسي لأخلاق السادة هو "الرغبة في السلطة" ونحن نعني هنا كل ما تعنيه السلطة من مال ونفوذ وغيرهما وهؤلاء السادة هم صناع الأخلاقيات التي تفرض على باقي المجتمع. 

أما أخلاق العبيد فيرى أنها ترتكو إلى مجموعة أخرى من القيم ترتبط بالطيبة والتعاطف والتسامح والخنوع ولها نظرة دينية واضحة ويرى أن منح هذه القيم للطبقة الدنيا كان ضروريًا لتقبل قيم السادة وطريقة حياتهم على اعتبار أن الجائزة الكبرى ليست في هذه الدنيا وأن علينا الصبر وتحمل الوضع وهذا ما حقر نيتشه من قيمته كثيرًا حيث رأي أن الطبقات العليا والحاكمة تستخدم هذه الأخلاقيات لفرض الطاعة لها ولمنظومتها الأخلاقية الخاصة. 

أعتقد بشكل شخصي أن التاريخ وإن كان قد أرانا الكثير ممن وصلوا مراكز عليا وقد اتبعوا أخلاق السادة لكنه قدم لنا أيضًا نماذج لعظماء ساهموا في صناعة ما وصفه الفيلسوف بأخلاق العبيد وعلى رأسهم مثلًا الإمبراطول الروماني ماركوس أوريليوس فالأمر إذن ليس بهذه السهولة ولكنه مدعى للتفكير. 

وعلى أيةحال فقد رأى نيتشه أن الأخلاق هي أصعب ما يمكن للمرء تغييره لأنها عميقة الجذور شديدة التأثير على سلوك البشر وتحتاج فترة زمنية كبيرة حتى تترسخ فما بالك باقتلاعها

فهل الأخلاق نسبية وهل لها حقُا معايير جمالية؟