"من منّا لا يحب أفلام الرعب؟".. طرحتُ ذلك السؤال على أصدقائي ولم أنل إجابة بالنفي، فعلى الرغم من أن بعضنا لا يتحمّل هذه النوعيات من المحتوى المرئي أو المسموع، فإننا جميعًا لا ننكر انجذابنا لها.

في الصدد نفسه، استشعرتُ الغرابة نفسها ذات مرّة أما إحدى المنحوتات في محطة بمترو القاهرة، حيث تأمّلتها على الرغم من أنني لم أكن معجبًا به على نحو مألوف.

التماثيل الغرائبية، المنحوتات المثيرة للريبة، لوحات غويا التي لا يطغي عليها سوى اللون الأسود، فنون دراما الرعب، الطراز المعماري القوطي المخيف في الحضارة الأوروبية..

كل هذه الطرز الفنية تدفعنا إلى طرح تساؤل واحد: هل ما يعجبنا حقًّا في الفن هو أن يكون "جميلًا" بالمعنى الدارج للجمال؟

دراسة في التوليف بين الفن ومشاعر الغرابة:

بعدها بأعوام، رشّح لي صديق رسّام كتابًا للدكتور شاكر عبد الحميد، الأكاديمي والناقد المصري، وهو كتاب "الفن والغرابة". وتحمّستُ للفكرة نظرًا لهذا التساؤل العميق الذي كنت أطرحه حتى اللحظة التي دخلتُ فيها دفّتي هذا الكتاب.

ينقسم الكتاب إلى مجموعة من الفصول، يعتني كل فصل بـعلاقة الغرابة ومشاعر الاغتراب بجانب معيّن من الفن، سواء على صعيد الأدب أو التصوير أو الفنون التشكيلية أو المسرح.. إلخ.

وفي إطار تناول الكاتب للعلاقة بين الفن والغرابة، يرى أننا من خلال نظرتنا للعمل الفني، لا نبحث عن الجمال فقط، وإنما قد نبحث في العديد من الأحيان عن مشاعر تختلف تمامًا عن الشعور بمراقبة وردة أو فتاة جميلة أو منظر خلّاب.

يستهل الكاتب وصف هذه العلاقة بوصف الشاعر الفرنسي بودلير لأحد أعمال الفنانين التشكيليين في عصره، حيث قال بودلير عن أعماله:

يبدو أن خوفا من عدم كان يسيطر عليه. كان يخشى أن يدع شبح هذه اللوحات يهرب منه.

يرى شاكر عبد الحميد من خلال سلسلة من الأفكار أن الجمال ليس بالضرورة أن يكون مقترنًا بالألفة. وهذا هو تمامًا ما أعزو إليه مشاعري عندما حملقتُ في منحوتة قد تبدو للبعض عديمة المعنى، وقد تبدو للبعض الآخر كئيبة. لكن لا أحد منّا يستطيع إنكار جاذبيتها.

ما هي أبرز الأمثلة التي تجذبكم في الفن الغريب أو غير المألوف إن صح التعبير؟ وهل يشترط أن يكون العمل الفني مألوفًا وواقعيًّا من وجهة نظركم؟