ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن رائعة أيمن العتوم "تسعة عشر" ، و لكن لتميز هذه الرواية و تفرّدها عن مثيلاتها أحببت أن أنقل تجربتي مرة أخرى و لكن بعد إنهائي لقرائتها بالكامل ، و بعد رحلة طويلة اصطحبني فيها بطل حكايتنا في عالم البرزخ ، أتممت الرواية بحمد الله و لكن وقعها لا يزال يبدو جلياً عليّ .

لن أحدثكم هنا عن اللغة الراقية و الأسلوب الأخّاذ للأستاذ أيمن العتوم ، و لا الأحداث المتباينة و لكنني سأشارككم تجربتي مع الرواية و تأثيرها عليّ .

في البدء .. راودتني شكوك حول صحة اختياري لاقتناء الرواية و ذلك بسبب الآراء المتنافرة إلى حد كبير حولها ، فقد قرأت الكثير ممن شاركوا تجاربهم اليتيمة مع الرواية و عدم استطاعتهم اتمامها ، و منهم من لم يجد فيها ضالته ، و هناك من وجد فيها حشواً رتيباً يصيبه بالوسن ، و آخرون يشيدون بالرواية بل يصنفونها كأحد أفضل الكتب التي قرؤوها في حياتهم .

و لكن من منطلق تجربتي الشخصية ، أرى أنني لم أندم إطلاقاً على اختياري لهذا الكتاب ، و الذي يتعدى كونه مجرد رواية ، بل هو موسوعة كاملة بأحداثها و معلوماتها و أزمنتها و شخصياتها ، حقيقةً لقد تعلّمت منها الكثير و عرفت منها الوفير ، و تبحّرت في فصول و أزمنة و عوالم و برفقة شخصيات الحياة منذ بدئها ، و لا أخفيكم أنني كنت أقرأ من جهة و أبحث في تفاصيل ما قرأت من جهة أخرى ، فكّر فيما شئت و ستجده في الرواية .. هل الشعر ؟ هل العلوم ؟ هل الأديان ؟ هل الأدب الرفيع ؟ من كل بحر من بحور المعرفة بضع قطرات ينعشن لبّك المتعطش للمعلومة .

الآن تعرضون على الله

نهاية تحبس الأنفاس تلك التي جاءت معلنة عن وصولي الأخير إلى وجهتي .. إلى الخاتمة ، تلك النهاية التي يبدأ معها فصلٌ آخر معلوم و مبهم ، صعب تصوره و مرّ تقبله ، فصل الحساب .. فصل اليقظة من بعد دهور الغفلة .. و فصل الجزاء الأخير ، لقد مرّت عليّ الصفحات الأخيرة بثقل شديد ، من هول المشاهد و دقة وصفها ، لا أخفيكم أن القشعريرة لازمتني و أنا أقرأ و أتخيل -أحاول تخيل- كل تلك الأحداث ، كان صعباً جداً لدرجة أنني في مرة غفوت و أنا أقرأ و عندما استيقظت تسللت دموعي على وجهي كطفل تلقى صفعة موجعة !

أ.أيمن العتوم .. حقاً إن كمية الجهد الذي بذله في تقديم تحفة أدبية كتسعة عشر لهذا العالم إنه لأمر يستحق الشكر و التقدير .. شكراً على الرحلة ، و شكراً على المعلومة ، و شكراً على المشاعر و العواطف ، و شكراً على التجربة الفريدة ، و شكراً على الحقيقة ، شكراً على تسعة عشر و تتبعها تفاصيل أخرى تستحق الشكر .

هل أنصح بقراءة الكتاب ؟

بالتأكيد نعم ، و لأنني أتمنى لكم الخير دوماً أرجو أن لا تفوتو قرائته و لا تترددوا في ذلك أبداً ، ربما لا يناسب الكتاب بعض الفئات الباحثة عن الأحداث المتسارعة و المتلاحقة و الروايات الشبابية الخفيفة و "الأكشن" و "الرومانسية" ، و لكنه بالطبع سيكون إضافة جميلة لأصحاب الذوق الأدبي الرفيع من أمثالكم .

"العارف بالله لا يهزمه الشيطان" أيمن العتوم .