تُرجم كتاب What If للعربية، بعنوان (ماذا لو: اجابات علمية جدّية عن أسئلة افتراضية غير معقولة) وهو كتاب ممتع مُضحك، لكنّه علمي لأقصى حد!

قرأت النسخة الانجليزية من الكتاب، أمّا العربية فترجمتها لا تنقل محتواه بالصورة المطلوبة، هاك ما تقول قناة "شرطة الترجمة" على التليجرام عن الكتاب المُعرَّب:

ترجمة الكتب العلمية تحدٍ يحتاج إلى مترجمٍ متضلعٍ، او ذي همةٍ في البحث والتقصي لفهم المعلومة قبل ترجمتها. تنطبق نفس المواصفات بشكل ما على الكوميديا.
وفي هذا الكتاب الذي يمزج بين العلم والمرح لم يفلح المترجم (ولا المدقق) في نقل ما يضمه الكتاب الأصلي من روح النكتة ووضوح المعلومة.

بعد هذا النقد اللاذع، سأنقلُ أحد الاسئلة المطروحة في الكتاب الانجليزية واجابة الكاتب عنها، وأتوقّى بترجمة غير حرفية للمعنى، فما لم يُجده مُترجم متخصّص كيف ينبري له عاميٌّ هاوٍ!

ماذا لو خسرتَ مادتك الوراثية DNA فجأة، كم ستعيش؟

بداية ستخسر ثلث باوند (أقل من خُمس الكيلوغرام) وهذه ليست طريقة جيّدة لخسارة الوزن، تستطيع خسارة هذا الوزن بخلع تيشرتك، أو الذهاب للحمّام!

ركّز الكاتب على الوزن لأنَّ هذا أقل ما ستلاحظه عند فقدانك للـ DNA ربما ستشعر بموجة غريبة ناتجة من تقلّص كل خلية في جسمك، لكنَّ الغالب ألّا تلاحظ شيئًا حتّى الآن.

لم نشهد حالة خسر فيها شخص الـ DNA في الأدبيات الطبيّة، لكنّنا نستطيع تخمين ما سيحصل من النظر إلى ثلاث أمثلة:

الملاك المدمر

هو أحد أنواع المشروم الذي يوجد في أمريكا الشمالية وأوربا، ويُسمَّى بالملاك المُدمّر لما يفعله بآكله، وهو مشروم أبيض صغير لا يُتوقَّع منه كلّ هذه الآثار.

إذا أكلتَ الملاك المُدمر، لن تشعر بشيء حتّى نهاية اليوم، وفي الليل ستعاني من أعراض الكوليرا: تقيّؤ واسهال وعدم ارتياح في البطن، وتشعرُ بعد ذلك بتحسّن، هو الأخير في حياتك.

هذا المشروم يحوي على سم يُدعى أماتوكسين amatoxin والذي يرتبط بأنزيم يقرأ معلومات الـ DNA ويعرقل عملية تصنيعه داخل الخلايا.

هذا الأماتوكسين يُحطَّم -تحطيمًا دائميًا- أي خلية يتجمّع فيها، وغالبًا الكبد والكُلى هم أكثر ما يتأثر به، فيفشلانِ ويُفشلان الجسم.

هذا الشكل من تحطّم الـ DNA قد نشاهده في شخص فقد قدرته على تصنيع الـ DNA فجأة كما في السؤال الافتراضي.

الأدوية الكيمياوية والاشعاع

هذه الأدوية الكيمياوية التي تستخدم لعلاج السرطانات تستهدف تعطيل تكاثر الخلايا، ولأنَّ خلايا السرطانات تتكاثر أسرع من خلايانا الطبيعية، هذه الأدوية تستهدفها وتحطمها، لكنَّ المشكلة أنّ بعض خلايانا تتكاثر بسرعة أيضًا، كما في نخاع العظم والشعر.

هذا يعني أنّ الكيماوي سيستهدف خلاينا أيضًا، وعندما يُهاجم نخاع العظم ويُعطَّل، سنفقد قدرتنا على انتاج خلايا الدم، خصوصًا البيضاء منها، والتي تساعد على محاربة الجراثيم الداخلة للجسم.

كذلك الحال خلايا الجهاز الهضمي تتكاثر بسرعة نسبيًا، وهذا يجعل أعراض غالب الأدوية الكيمياوية التقيّؤ والغثيان.

بالنسبة للأشعاع، فكميّة كبيرة من اشعّة غاما يمكن أن تحطّم المادة الوراثية DNA داخل الخلايا، وهي أيضًا تستهدف خلايا نخاع العظم والجهاز الهضمي، وبنفس الأعراض.

الخلاصة

عندما تخسر الـ DNA فجأة ستعاني من الغثيان والتقيّؤ، آلام البطن وضعف في الجهاز المناعي، والموت سيحصل -وُقيتَ- خلال ساعات أو أيّام، فإن لم يفشل الكبد والكلى، أتتك الجراثيم من كل جانب، ونخرت جهازك المناعي الضعيف.

لكنّ للأمر جانب مُشرق، كما يقول الكاتب، فعندما تأتي حكومة على غرار حكومات كتب جورج أورويل، وتجمع مادّتك الوراثية لتتحكّم بك، فلن تستطيع، فما عندكَ من المادّة الموروثة شيء، ستبقى خفيًا!

هل قرأت الكتاب؟ ما رأيك في الترجمة العربية التي تعرَّضت للنقد؟