كثيرًا ما يقولون أن الجيل الجديد متمرد بالفطرة يأبى الانقياد ويرفض التعاليم والعادات والتقاليد هي ليست بصفات محمودة بالطبع ولكن هل نحن كذلك فعلًا؟ وهل لهذا مميزات؟ 

كنت قد قرأت رواية تسمى السراب لنجيب محفوظ في وقت قريب، ليست أشهر رواياته ولكن كانت رواية غريبة حقًا. كانت الرواية عن الاعتمادية وتحديدًا للأهل. حكى محفوظ شخصية شاب لظروف عديدة كانت أمه كل حياته وكل ما عرف من الدنيا ورغم أن له أخوة ولكن لظروف أخرى كان الشعور من الأم متبادلًا. أرادت أن تحقق فيه أحلامها وأن يعوضها عن كل ما خسرته وسرعان ما أثقلته بأحلامها وأمانيها وضيقت عليه مساحات حريته حتى صارت حياته خطًا ترسمه هي، وهو كان صغيرًا وضيعفًا تمثل له كل شيء مهم في الحياة فنشأ معتمد عليها راغبًا دائمًا في رضاها. 

بصراحة أثارت القصة دهشتي القصة جدًا فهي مختلفة عن شخصيات نجيب محفوظ الكلاسيكية ولكنها استمرت لنرى حياة الشاب وأمه على السواء تتدمر بسبب هذه الاعتمادية والتعلّق المبالغ فيهما ورغم أن الأم حتى اللحظة الأخيرة كانت طيبة النية إلا أن هذا لم يكن كافيًا. 

نرى هذا المثال بكثرة في حياتنا اليومية من أشخاص لا يستطيعون معارضة آبائهم وأمهاتهم حتى عندما يصبحون بأنفسهم آباء وأمهات، ونرى من الأهالي من يتدخل في كل صغيرة وكبيرة حتى ليحدد لك أين تسكن وكيف ومن تتزوج وماذا ترتدي! 

حتى أننا نسمع قصصًا عن أهل خربوا علاقات أبنائهم لأنهم رأوها غير مناسبة لهم! ورغم أن الأهل طيبو النية في العادة وتهمهم حقًا مصلحتنا إلا أن حُسن النية كما رأينا لا يقي من المصائب. 

حمدت الله حينها على بعض مساحات الحرية التي أحصل عليها في أسرتي وتمنيت لو يرى الناس أثر الاعتمادية المبالغة قبل أن يروا أثر التمرد. فما رأيكم هل ترون الكفتان متساويتان؟ ومتى يكون التمرد محمودًا؟ هل تفضل أن تعلم كل تفصيلة عن حياة أبنائك أم قد تسعد لأن لهم حياتهم وأسرارهم الخاصة؟