اسم الكتاب: النظرات

الكاتب: مصطفى لطفي المنفلوطي

عدد الصفحات: 709

المجال: مقالات و قصص اجتماعية و سياسية

الاقتباس صفحة: 299 الجزء الثاني

عن الكتاب: من أروع ما قرأت و كيف لا و هو للنابغة الأدبي مصطفى لطفي المنفلوطي، أسلوبه في قمة الرقي و الأناقة، هنا اللغة العربية في أبهى صورها. ناهيك عن الحكم العميقة التي يوصلها الكاتب. عموما، أنصح به كل من يتلذذ بالفن الأدبي الراقي و يحب التعرف على جمال لغته أكثر.

يقول المنفلوطي في كتاب يأس ما يلي:

يقولون: ((ما أضيقَ العيش لولا فسحة الأمل، و أقول، ما عذب الله عباده بنازلة قضاء، و صاعقة العذاب، و طاغية الطوفان، و الزلزال الأكبر، و الموت الأحمر، و النقص من الأموال و الأنفس و الثمرات، بمثل ما عذبهم بالأمل الباطل، و ما ليلة نابغية ضرير نجمها، حالك ظلامها، يبيت منها صاحبها على مثل رَوْق الظبي خيفة و حذار؟ فوق أرض تعزف جنّانها (جمع: جان) و تحوم عقبانها، و تزأر سباعها، و تعوي ذئابها، و تحت سماء تتهاوى نجومها، و تتوالى رجومها، و تتراكم غيومها، بأسوء في نفسه أثرا من رجاء كاذب يتردد بين جنبيه، تردد الغصة بين لحييه لا هي نازلة فيطعمها، و لا صاعدة فيقذفها.
قد أصبحتُ أحسد الوحوش الهائمة على وجوهها في بطون الأودية، و قنن الجبال، أن أراها ساربة في مساربها، سارحة في مسارحهاظن تتناول رزقها رغدا من بوارق المصادفات، و مفاجآت المقادير، لا يعنيها الأسف على فائت من العيش بالجشِب (الخشن من الطعام) فتساوى لديها شحمها و لحمها، و شيحها و قيصومها، و سعدها و نحسها و نعيمها و بؤسها، فما تحفل بنوازل القضاء، و لا رجوم السماء، و لا تبالي أسقطت على الموت أم سقط الموت عليها؟

واضح جلي هنا كيف يذم المنفلوطي الرجاء الكاذب. أما عني فأوافقه ذلك، فلا أسوء من أمل خائب يزيدنا بؤسا. لكن هل الأمل دائما سيئا؟

ما رأيك أنت؟