إنَّ ما يُحدّد النتائج في حياتنا أمران، جودة قراراتنا والحظ. والتمييز بين هذين الأمرين هو غاية ما في الكتاب

آني دوك لاعبة بوكر محترفة مُعتزلة، لها كتاب thinking in bets وتبسط فيه ثلاثة من القواعد الأساسية في البوكر التي يُمكن أن تُطبَّق في قرارات حياتنا اليومية، وهي تعد بأنّ تطبيق هذه القواعد ستزيد من جودة قراراتنا، ونتيجة لذلك جودة حياتنا ورخائها.

-كل قرار هو رهان

في كل قرار تتّخذه، تخيَّل أنَّ هناك شخص يقول لك: أتُراهن؟ 

عندما يضع أحد ما شرطًا ماليًا على اعتقاداتك، ستتوقّف لوهلة، وتحاول أن تفكّر بما يمكن أن يكون خاطئا في اعتقادك، ماذا يمكن ان يعرفه هذا المراهن وغاب عنّي؟ 

عندما تُعالج قراراتك من هذه الزاوية، سترى عدة احتماليات، وعدّة نتائج ممكنة، جيّدة وسلبية، مما يجعلك تعدّل درجة تأكدك، ربما كنت 100 واثقا، والآن 70% وهذه نسبة لا يُستهان بها، لأنَّ نزولك الى هذه الدرجة يعني انك ستكون متقبلًا لمعلومات جديدة. 

هذه الطريقة جعلت قراراتي تتجّه نحو الوسطية، والدقّة وتقبّل الآراء، نتائج هذه الطريقة تتراكم على المدى الطويل لتُنتج تغيّرات ملموسة.

مقدار العوائد

احسب العوائد المفيدة التي قد تنتج عن كل قرار، وفكِّر إذا كانت تستحقّ المُلاحقة

هناك معادلة تقول أن العوائد المتوقعة = النتيجة المتوقعة * نسبة حدوثها %

لا أحبُّ الرياضيات، سأترجمها إلى لغة مفهومة.

لنقل أنَّ قيمة الساعة عندي تعادل 10$

أمِّي ستعترض وتقول أنّك من يجب أن تعطي المال لمن يأويك، لكن الرقم لتبسيط الرياضيات.

اليوم مثلًا أردتُ بعد المحاضرة أن أذهب إلى المستشفى، أرى حالات طبيّة جديدة في الساعة الباقية بدلًا من قضائها في نادي الكليّة، كانت النتيجة المتوقعة هي رؤيتي لحالة طبيّة مُثيرة للاهتمام، ونسبة حدوثها في يوم خميس ليس فيه زحام على الردهات ربما تصل إلى 70%

سأضع سعرًا لهذه الحالة أقدّره بـ 50$ لأنّ تعلم شيء طبِّي جديد سيفيدني طوال مسيرتي.

المتوقّع = 50$ * 70% وهو يساوي 35$ وهذا رقم أعلى من 10$ الافتراضية عندي، لهذا فالرقم يستحقّ أن ألاحقه.

لم أر حالة ممتعة، ظللتُ أقلِّب في ملفّات المرضى من دون الحديث معهم، خسرت الرهان وأنا أملك 70% نسبة فوز.

لكن نسبة 70% تبقى جيدة، لو فعلت هذا 1000 مرة لرأيت 700 حالة جديدة، اليوم فقط لم يكن من ضمن هذه الأيّام.

هكذا يُراهن محترفي البوكر، ويتصدّرون الأرباح في لُعبة تعتمد على الحظ، هم يراهنون على أنَّ النسب على المدى الطويل ستخضع للمنطق.

عمومًا هذا تعقيد زائد للحياة، لكنّ التفكير بهذه النسب قد يكون مُشجعًا أحيانًا للانخراط في شيء وليس عندك حافزًا له.

قيّم جودة قراراتك حتى لو أصبت

جودة النتيجة تعتمد كثيرًا على جودة القرار.

تقول الكاتبة في البوكر تستطيع أن تتّخذ قرارًا سيئًا، لكن لو كان الحظّ معك، تستطيع الفوز.

لكن هل سيتكرر هذا الحظ كلّ مرة على المدى الطويل؟ كلّا، ولو بقيت على نفس القرار الخاطئ، لخسرت في معظم الأيّام.

كذلك الحال في الحياة، تستطيع أن تحصل على نتيجة جيّدة بقرار سيء، لكن تكرار النتيجة الجيدة هذه ليس أمرًا محتملًا.

تحثّ الكاتبة في كتابها على أن تجلس مع نفسك، وتحاول أن تجد على الأقل خطأين في طريقة تفكيرك في القرار الذي اتخدته.

تقول الكاتبة أنّ الاعتراف بالأخطاء صعب، لكن الاعتراف بها وأنت فائز أسهل بكثير، فاستغل هذه النقطة! 

هذا لن يحسّن جودة قراراتك فحسب، بل سيحوّلك من شخص يركّز على النتائج، إلى شخص يركّز على الطريق الذي سلكه نحو النتائج.

تقييمي للكتاب بشكل عام جيّد، هو كتاب ينظر للقرارات من عدسة النسب والاحتمالات، لم استمرئ قصص البوكر والرهانات، ووجدتُ اسرافًا في الماديّة، لكنّي تعلّمت منه ما يفيدني، عدسة من الاحتمالات أحفّز بها نفسي حين تمل.