لطالما كان البحث عن السعادة هو الشغل الأول للإنسان، أسئلة مثل: هل الناس سعداء في حياتهم؟ وكيف يمكنهم تحقيق الرضا عن حياتهم؟ هي الأسئلة التي تطرح باستمرار.

هناك اعتقاد بأن الإجابة عن هذه الأسئلة هو المال، لكن البحوث الاجتماعية والاقتصادية التي تٌجرى بخصوص العلاقة بين الدخل والسعادة لم تؤكد هذا بشكل مطلق إلى غاية الآن، وبهذا فقد أصبح النظر في العلاقة بين السعادة والمال واحدة من القضايا الأكثر إثارة للجدل في مجال بحوث الرفاه الذاتي.

وبناءا على الفرضية الشائعة التي ترى بأنّ المال هو السبب الرئيسي لتحقيق السعادة يقضي الناس معظم وقتهم في العمل، وفي المقابل يتم اهمال الحياة الخاصة.

يطلق تيموثي فيريس في كتابه " اعمل 04 ساعات فقط في الاسبوع" على الأشخاص الذين يقضون أكثر من 40 ساعة في العمل أسبوعيا لقب الكسالا، وهذا مفاجئ، لكن من وجهة نظر فيريس فإن الانشغال الدائم هو شكل من أشكال الكسل، كسل في التفكير والعمل العشوائي.

هل العمل لساعات طويلة سيجعلنا أغنياء؟ أساسا ما هي المعايير المعتمدة لنقول أن شخصا ما غني؟ في العادة نعتمد معيار الدخل المطلق للإجابة عن مثل هذه الأسئلة، مثلا إذا علمنا أنّ الدخل السنوي لأحمد هو 100.000 دولار، ودخل سارة هو 50.000 دولار فإن أحمد سيبدو أغنى من سارة. لكن لو علمنا أن أحمد يعمل 80 ساعة في الأسبوع الواحد ولمدة 50 أسبوعا، فهذا يعني أنّ أجر الساعة بالنسبة لأحمد هو 25 دولار، وفي المقابل فإنّ سارة تعمل 10 ساعات فقط في الأسبوع على مدى 50 أسبوعا، وبالتالي فإنها تحصد 100 دولار في الساعة، وبالتالي فإنّ سارة أغنى من أحمد 04 مرات.

النتيجة الأولى حصلنا عليها لأننا كنا نستخدم معيارا مضللا وهو معيار الدخل المطلق، لكن في المرة الثانية اعتمدنا معيارا أكثر دقة وهو معيار الدخل النسبي الذي ينظر إلى المال والوقت على حد سواء وليس المال فقط مثلما يحدث عند استخدام الدخل المطلق. 

معيار الدخل النسبي هذا هو ما يستخدمه ما يسميهم فيريس بـالأغنياء الجدد لتقييم حياتهم، وتعيش فئة الأغنياء الجدد التي ينتمي إليها الكاتب وفق مبدأ يقول أنّ تأجيل التمتع بالحياة الخاصة لمطاردة المال بشكل أعمى هو حماقة. وأنّ الحصول على المال دون التقيد بالوقت والموقع يجعل الأموال تساوي تلقائيا ثلاث إلى عشر مرات قيمتها.

ولتحقيق السعادة والرضا يقترح فيريس تقليل عدد ساعات العمل إلى أقصى حد ممكن، وهذا واضح من عنوان كتابه 4 ساعات عمل في الأسبوع، وأفضل طريقة للقيام بهذا التخفيض ستكون باعتماد استراتيجية ترتيب الأولويات ثم توزيع الوقت على المهام وفقا لنظرية80/20. 

ما هي معاييركم لقياس الرضا أو الرفاه الذاتي؟ 

وهل توافقون طرح تيموثي فيريس بتخفيض ساعات العمل إلى هذا الحد، أو أنّ هذا الأسلوب قد لا يكون مناسبا للجميع، وخصوصا للأشخاص الذين لا يزالون في بداية مسيرتهم المهنية؟