بعد انتشار كتاب "السر" للكاتبة روندا بايرن العام 2006 أحدث ضجة كبيرة بين مؤيد ومعارض، يعتمد كتاب السر في جوهرة على قانون الجذب، أي أن المشاعر المتشابهة تتجاذب وتتقارب، فالمشاعر الإنسانية لها ترددات معيَّنة، وهي تصدر من الإنسان إلى الكون الذي يُعيد ترتيب أحداثه حتى يحصل هذا الإنسان على مبتغاه عن طريق التفكير فقط. على سبيل المثال، عندما أفكر بأفكار غاضبة وأشعر بالغضب، ستجتذب الأحداث والظروف التي تسبب لك مزيدا من الغضب. على العكس من ذلك، إذا فكرت وشعرت بإيجابية، سوف تجتذب الأحداث والظروف الإيجابية.

السؤال: هل هذه هي الحقيقة؟ أم أن المؤلف يريد المزيد من المبيعات؟ بعيداً عن الاعتقاد بكون الكتاب حقيقة أم خرافة. دعونا نستوضح الأمر،. عندما تعتقد أن جسدك سوف يرسل ترددات عندما تفكر بأفكار سلبية ليجلب لك سوء القدر فهذا الاعتقاد يعتبر أمرا محمودا؛ لأنك عندما تؤمن بهذا الاعتقاد سوف تفعّل بما يسمى "بالحمية العقلية" على غرار فكرة (النظام الغذائي) الذي يقرر لك أكل أطعمة معينة بكميات معينة في أوقات معينة، كذلك هي فكرة نظام (الحمية العقلية)، حيث يمكنك تحديد نظام غذائي معين لعقلك، تتحكم من خلاله بما يتناوله عقلك من أفكار، حيث تعمل من خلاله على رفض الأفكار السلبية والأفكار غير اللازمة والتي تثيرك، وتعمل على تهدئة عقلك وتعزيزه بالأفكار الإيجابية.

أما عن قانون الجذب الذي يذكر في الكتاب فهو التواكل الذي يخالف التوكل على الله، لا يمكن لأي شخص أن يحقق أمنياته بمجرد التفكير والتأمل دون العمل، وأرى أن قانون الجذب يكمن أولا في تنقية القلب من ما يفسده كالحقد والحسد والقسوة وسوء الظن بالناس.

يتحقق قانون الجذب أيضا بالأفعال التي تستوجب رضا الله وحبه للعبد كحسن الظن بالله فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي) متفق عليه، فالأفكار السلبية ما هي اإلا سوء ظن بالله ولا حول ولا قوة إلا بالله، كذلك الصدقة هي من أسباب محبة الله للعبد، كيف سيرعاك الله في أرضه وتحت سمائه عندما يحبك وكيف سيحقق لك كل ما تتمنى، ومن موجبات محبة الله للعبد الصَّدقة فهي سببٌ في محبة الله للعبد؛ لأنَّ الصدقة من باب الإحسان، والله يحب العبد المحسن، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أيضا الدعاء، يكفيك قول الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، أيضاً الاستغفار وما أدراك ما الاستغفار، ذكر الله تعالى عن نبيه سليمان - عليه السلام - أنه قال: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) لاحظ أن النبي سليمان لم يطلب الملك قبل طلب المغفرة، كيف تريد من الرزاق أن يهب لك ما تريد وأنت لديك من الذنوب والمعاصي ما تحول به بينك وبين رزقك، و للاستغفار أيضا أثر عظيم في تحقيق الأمنيات والقصص في ذلك تطول.

وهناك أمر مهم في تحقيق الأمنيات وجذب كل ما هو مهم وجميل في الحياة وهي التخطيط والتنفيذ السليم. فالتخطيط عملية ذكية، وتصرُّف عقلي، وذهني؛ بهدف عمل الأشياء بصورة مُنظَّمة، والتفكير قبل تنفيذ العمل، والعمل على أساس الحقائق، والوقائع، لا على أساس التخمينات، والتكهُّنات.

ممدوح السهلي