السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم؟
اسمي محمود، عمري 18، بدأت كتابة رواية صغيرة منذ فترة ليست بطويلة واريد منكم الاطلاع عليها وسماع رأيكم عنها، مع العلم انني سأنشر مقطعاً صغيراً منها، على امل ان تنال اعجابكم.
الزيارة المفاجئة
الجمعة
الحادية عشر مساءً
تجلس آنا على كرسيها الاحمر المرصع بنقوشٍ قديمةٍ كانت قد ورثته عن امها الراحلة، بالقربِ من كومةِ حطبٍ متكدسٍ في زاويةِ المدخنة، كعادتها تتأملُ آخرَ لوحاتها التي يطغو عليها الطابعُ السوداويُ الكئيب، بعدما انتهت من كوب قهوتها السوداء، ليست المرة الأولى التي تستغرق آنا في احدى لوحاتها فهي تعشقُ ما ترسمه بل وتزعمُ انها بإمكانها التواصل معها والشعور بها ليس فقط بل ولكل لونٍ ونقطةٍ فيها قصتها الخاصة، وبينما كان عقلها يغوصُ في ثنايا وتفاصيل لوحتها، اذ بخبيطٍ متتالٍ ذو نبرةٍ قوية يقطعُ عنها جلستها، التفتت فسمعت أحداً يدقُ بابها بصخب فتسألت: من سيزورني في وقتٍ وطقسٍ كهذا؟ وخصوصاً انها كانت عاصفةً وممطرةً في الخارج!
استنفرت من مكانها وتوجهت نحو الباب، لم تكن آنا خائفةً رغم كونها تعيشُ وحيدةً في منزلٍ كبيرٍ كانت قد ورثته هو الاخر عن والدتها، فتحت الباب، لتجد من لم تتوقع قدومه البتَّ....
اذ بصديقتها رغد تقفُ مرتجفةً بمعطفٍ رقيقٍ والماء يتساقط منها، مندهشةً آنا تسألت في نفسها: ماذا تفعل رغد امام باب بيتي في وقتٍ كهذا؟ كونها دائمةُ الانشغالِ، ليست من اصحاب الزيارات المفاجئة، حتى انها تسكن في الجهة الأخرة من المدينة، لقد بدت رغد حزينة الملامح، استطاعت آنا رؤية الحزن في عينها وملاحظة بكاءها، رغم اختلاط دموعها مع ماء المطر، كيف لا وهما صديقتين منذ الطفولة، ولكن هذه المرة الأولى التي تراها فيها مهزومة، حتى كاد اليائس قد تملكها والحزن كسر قلبها، فهذه ليست رغد التي عاهدتها، ليست المرأة الشجاعة، القوية نفسها، التي رغم كل ما عايشته من ظروفٍ قاسية لم تزرف دمعاً هكذا يوماً.
سألتها آنا بإندهاش
رغد!!
وبنظرةٍ ملؤها الالم والفقدان وبعيونٍ تصبُ دمعاً عانقتها باكيةً: انتهى كل شيءٍ يا آنا انتهى كل شيء.....
ضمتها آنا متفاجئةً الى صدرها والصدمة قد علت وجهها، وقالت لها: هدئي من روعك وهيا ندخل الى البيت.
منذ دخولها شعرت رغد بهدوءٍ مرعبٍ وداعبت رائحةُ وردة الاسهم الليلية التي كانت متمركزة في مزهرية مزخرفة قرب الباب اطراف انفها، كانت شقيقة آنا قد اهدتها اياها قبل مماتها بيومين، كانت لهذه الوردة اهمية عظيمة في قلب آنا فهي تؤمن ان روح اختها ممزوجٌ برحيق وحياةِ هذه الوردة فكانت تعتني بها وتعاملها معاملةً خاصة، وكان اللون الموت الاسود قد تسلل الى اطرافها ، كيف لا وهي لديها منذ 4 سنوات....
عبر ردهةً طويلةً اُدْخِلَت رغد تعطيك احساساً غريباً، فكميةُ اللوحاتِ المرسومةِ تشعرك بالرهبة، كل تلك العيون المعلقةِ على زوايا الحائطي طوال الممر فيها شيءٌ من الخوف، وجميعها تعطيك فكرةً واحدةً '' ان صاحبةَ هذه اللوحات تعاني من الحزنِ والاكتئابِ الكثيرَ'' فلوحةُ الطفل الباكي هناك كانت قد استوحتها آنا من طفلها الذي لم يلبث ان اتم السبعة اعوام حتى سرقه منها شبح المرض، ولوحةُ متوهجةُ الحمارِ، نارية اللون استوحتها آنا من حريقٍ قد جعلها يتيمة الابِ والاخ كان قد شبَّ في منزل والديها عندما كانت في التاسعة من عمرها، كل تلك اللوحاتِ الكئيبةِ التي تحمل في طياتها حزناً وقصصاً مريرة اشعرت رغد بالحزن والكآبة ضعف ما كانت عليه.
التعليقات