السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد نشرت المقطع الاول بالأمس، وهذا المقطع الثاني لرواية صفيرة بدأت كتابتها من فترة ليست بطويلة، أتمنى منكم قرأتها واخباري برأيكم.

الجثة

 

ادخلت آنا صديقتها الى غرفتها قائلةً:'' بدل ملابسك المبتلة ريثما اقوم بإعداد شيء ساخنٍ يردعوا عنك ما شعرت من البرد''

ابتسمت رغد وهزت رأسها.

بينما كان ابريق الماء يصفر غلياناً كانت الافكار تتزاحم وتغلي في رأس آنا

'' ما الذي جاء برغد في وقتٍ وطقسٍ كهذا؟ ''

'' ولما هي بهذا الحال؟''

واول سؤالٍ خطر في بالها كان:'' هل عاد زوجها لضربها من جديد ؟''، فزوج رغد كان قاسياً ووحشاً في معاملتها، ينتهز كل فرصةٍ لضربها وشتمها وكان دائماً ما يقول لها :'' احمدِ ربكِ انني تقبلتكِ ولولاي لكنتِ في الشارع تجرك الكلاب....''

'' او أيعقل انها حزينة على ذكرى رحيل جنينها؟ ''، فعندما كانت رغد حاملاً في الشهر السابع قام زوجها بركلها بعدما نسيت ايقاظه في الموعد المحدد مما أدى الى خسارة جنينها..

وبينما كانت افكارها تتصارع في جوف رأسها، اذ بصوتِ صفير الابريق يعيدها للواقع.

عادت آنا لغرفتها حاملة كوبين ساخنين من الكاكاو المر، وعندما دخلت الغرفة وقعا الكوبين من وهلة الصدمة، كانت رغد مستلقيةً على الارض ممدودة الذراعين والدمُ يتدفق من كل جزءٍ في جسدها وآثار الدم تملئ المكان.

لتقع آنا مغماً عليها......

الأصدقاء

الثانية عشر منتصف الليل

 اليوم قررت غنى وريم القيام بزيارةٍ مفاجأةٍ لآنا بمناسبة انتهائها من مجموعةِ لوحاتها التي كان من المقررِ عرضها في معرضٍ فنيٍ يقام وسط المدينة تحت عنوان (الدموع السوداء)الاسبوع المقبل، واحتفالاً بمرور 5 أعوام على اقلاع آنا عن الشرب.

لم يكن لآنا الكثير من الاصدقاء، اذ انها لم تكن تلك المرأة الاجتماعية، حيث برأيها العلاقات التي لا تعود على احدٍ بفائدة غير ضرورية، علاوة على ذلك فذلك النوع من العلاقات يملئه الكذب والخداع، فلم يكن لها الا صديقتين مقربتين، غنى التي كانت قد تعرفت عليها في احدى المعارض الفنية ،وسرعان ما تأقلمتا معاً واصبحتا مقربتين، وريم العازفةُ الشهيرة التي ذاع  صيتها انحاء البلاد بمعزوفاتها الهادئة التي تنقلك الى عالم اخر

كانت آنا قد ترعرعت معها منذ الصغر.

وصل الصديقتان الى مدخل البيت مع علبة من بسكويت منزليِ الصنعِ موضوعٌ في علبةٍ حمراءٍ عليها رباطٌ اسودٌ ليلي، مع صندوقين من الصودا الغاذية، وبينما كانتا تشتمان احوال الطقس السيئة، فوجئت غنى بصمت ريم الغير مبرر وسط تبادل الحديث، فالتفت نحوها، لتجدها قد اشارت الى نهاية المدخل بذهول، امعنت غنى النظر بصعوبة من خلال القطرات التي دبغت على عدسات نظارتها بفعل المطر، وقالت مصدومة ‘الباب مفتوح!’

رؤية باب المنزل الرئيسي مفتوحاً على مصرعيه والهواء يصدر صوت عالياً، داخلاً وخارجاً، ترك الصديقتين في حيرةٍ كبيرة، لماذا قد يترك شخص طبيعي باب بيته الرئيسي مفتوحاً في طقسٍ كهذا؟

كان هذا هو السؤال الاول الذي طرأ على رأس الفتاتين، لتتبادلا النظرات فيما بينهما، محاولةً كل واحدة إيجاد عزرٍ لفتح الباب في هذا الطقس، انتفضت الفتاتين مسرعتين الى الداخل، كان الجو هادئاً بشكل غريب

‘آنا، آنا، اين انتِ؟ ’

ولكن بدون رد، كان ندائهما يدخل ويخرج خاوي الوفاض، بدأ شعور الرهبةِ والخوف يسيطر عليهما، المدخنة مشتعلةً امامها لوحة آنا الاخيرة (عزاء الحب)، معطف آنا معلقٌ مكانه، وبخوفٍ قالت ريم: “هل يعقل ان لصاً قد دخل المنزل؟"

ردت غنى بتوتر: “بحقك لا تكوني سخيفةً، دعينا نتفقد غرفة النوم لعلنا نجدها نائمة”

‘نائمة؟،والباب الرئيسي مفتوحٌ على مصرعيه؟ ’، ردت ريم بسخرية على جواب غنى.

" حسناً، حسناً أوافقك الرأي الوضع مريب، ولكن دعينا لا نكون متشائمتين، اتفقنا؟"، قالت غنى.

اومأت ريم برأسها موافقة

سلكتا السلم متجهتين الى غرفة النوم

دخلتا وكانت الصدمة.....

جثةٌ مستلقيةٌ فوق بركةٍ كبيرةٍ من الدماء، قد غطت اكثر من نصف ارضية الغرفة، آنا على الارض فاقدة الوعي كانت الدماء قد تسللت من تحتها بالقرب من كوبين مكسورين، كان الدماء قد اختلط بما احتوياه حتى ملئ نصفيهما، صرختا الفتاتين من الذعر وهول المنظر، ونزلت غنى على الارض ضامةً ركبتيها والدموع تنهمر منها، قالت ريم وهي تحاول الحفاظ على رباطة جأشها :" لا يجب ان نلمس شيء، قبل الاتصال بالشرطة، مخرجةً هاتفها وهي بحالة يرثى لها، محاولة الاتصال بالطوارئ."