عندما كنت أنظر إلى مكتبة والدي الكبيرة بمختلف محتوياتها، كنت دائما أسئله، هل قرأت كل هذه الكتب؟!
ودائما ما كان جوابه، إسألني عن أي كتاب شئت منهم وأنا سأقص عليك حكايته، بداية من كيف ومن أين اشتريتُه، وانتهاءاً بمحتواه وأبرز ما جاء فيه وأهم ما حواه من دروس وعبر!!!
رغم أنهم في زمنهم لم يكن متوفرا لهم تلك الكتب بسهولة، وكانوا يقطعون مئات الكيلوا مترات ليتمكنوا من إقتناء الكتب، مع ذلك كان فيهم المثقفين والقراء والأدباء، وكانوا حريصين كل الحرص على أن تزخر مكتبتهم الخاصة بالكتب على إختلاف مجالاتها وفنونها.
وعلى النقيض؛ أجد في جيلنا أن الأمور أصبحت أكثر سهولة ويسر، الكتب منتشرة في كل مكان، يوجد الورقي منها والإلكتروني، إتسعت مجالات الكتابة لتشمل كل مناحي الحياة، يمكننا الحصول على الكتاب الذي نريده في أي وقت ومن أي مكان ونطلبه ليصلنا حتى باب منزلنا، ورغم ذلك لا نقرأ!!
عندما أجالس مجموعة من الطلاب والشباب اليافع، وأناقشهم حول هذا الأمر محاولا إستكشاف السبب وراء هذا التراجع، أكتشف أن هناك عدة أمور.
أولا : الحجم الهائل من الإنتاج السنوى والذي يجعلهم غير قادرين على تمييز الغث من السمين، فيتركون الأمر برُمَتِه.
ثانيا : عدم قدرته على التمييز بين أنواع القراءة المختلفة، فالقراءة الثقافية حتما تختلف عن القراءة الأكاديمية، تختلف عن القراءة الترفيهية .... إلخ.
ثالثا : فقدانه للبيئة الداعمة، بحيث أنه لا يجد من يحُثه على القراءة، أو يناقشه في ما يقرأ.
رابعا : كثيرا ما ينتهي به الأمر بعد قراءة أول كتاب أو كتابين، وهو يشعر أنه لم يحصل على استفادة حقيقية، وأن ما مضى لم يكن سوى مضيعة للوقت، وعليه فلا داعي لتكرار الأمر من جديد.
أود في مساهمتي أن أطرح سؤالاً، كيف نختار المجالات المناسبة لنا، وكيف يمكننا أن نحصل على أكبر استفادة ممكنة مما نقرأ؟
التعليقات