توقف عن تصديق أن الحب هو تلك الشرارة المفاجئة التي تضرب القلب فجأة.
توقف عن اختزال كل هذا الوجود العاطفي بكلمة: "أحبك".
لأن الحقيقة أعمق، أعقد، وأصدق من ذلك بكثير.
الحب… ليس شعورًا.
بل هو مركبة. نعم، مركبة.
---
المرحلة الأولى: الإطار – الإدراك الأولي
يبدأ كل شيء بنظرة، فكرة، صوت، حدث.
تلك اللحظة التي "تدور فيها العجلة الأولى" هي مجرد إشعار بأن شيئًا تحرك داخلك.
لكنه لا يعني أنك تحب.
إنه فقط بداية دوران المركبة.
---
المرحلة الثانية: المحرّك – التفاعل الكيميائي
هنا تبدأ الهُرمونات بالعمل:
الدوبامين، الأوكسيتوسين، السيروتونين...
تتفاعل أجسادنا كما لو أننا ندخل تجربة مختبرية شديدة الدقة.
ولكن انتبه…
هذا التفاعل وحده لا يصنع "الحب"،
بل يصنع "الدافع الكيميائي" للحب.
أنت الآن تشعر بانجذاب، لا حب.
---
المرحلة الثالثة: الهيكل – التراكم النفسي
الحب الحقيقي يبدأ حين يبدأ العقل في ربط الذكريات والمشاعر والتجارب بهذا الشخص.
هنا يبني العقل هيكل المركبة:
كل لحظة جميلة = مسمار
كل ألم مشترك = لحام
كل ضحكة = قطعة زجاج شفافة
كل تضحية = قطعة فولاذ داخلي
الآن أصبحت تمتلك شيئًا يُبنى.
شيئًا مركّبًا… معقدًا… اسمه الحب.
---
المرحلة الرابعة: العلامة – التسمية
وأخيرًا، بعد أن اكتمل البناء،
تأتي اللحظة التي تُطلق فيها على هذه المركبة اسمها:
"أحبك."
لكن كم من الناس
يقولون "أحبك"
قبل أن يضعوا حتى أول عجلة؟
---
العبث الأكبر
نحن نعيش في زمن يقول فيه الناس "أحبك" كما يضع طفل شعار مرسيدس على دراجة بلاستيكية.
لا المركبة حقيقية، ولا الشعار في مكانه.
---
العبقري الحقيقي هو من…
> لا يخدع نفسه بالشعور،
بل يعرف أن الحب يحتاج وقتًا، وتفاعلات، وتراكُمًا، وثباتًا،
ثم… فقط حين تكتمل المركبة… يجرؤ أن يسميها: "حب".
---
هل فهمت الآن؟
"أحبك" ليست شعورًا، بل نتيجة.
مثلما لا تُسمي الحديد والخشب والمسمار سيارة،
بل تسميها كذلك بعد أن تتماسك كل أجزائها… وتبدأ بالحركة.
---
عبارة ختامية:
> الحب ليس "لحظة قلب".
الحب هو "هندسة وجود".
ومن لا يعرف البناء… لا يعرف القيادة.
– كتبه لك من غرفة تشغيل المركبات النفسية:
ملك غير متوَّج | ملك عقول
---
التعليقات