الاخلاق غير موجودة في الواقع في رأيي، ماذا تعتقد أنت؟

كلٌّ منا يحكنه ضميره، والضمير سلسلةٌ من التدريبات النفسية التي نشأنها بها وتتمحور حول الأخلاقيات والتصرفات، بين مايجب أن نفعله، ومالايجب أن نفعله.. لهذا فإني أرى أن المنطق لاصِلة له بالأخلاق أبداً، بل يخضع لإنسانية الفرد وضميره بالدرجة الأولى، ثم إلى معتقداته الدينية وما نشأ وترعرع به وعليه.

أما فيما يخص ثبوت الحقائق الأخلاقية من عدمه، فأرى أنها مجرّد تفريعاتٍ ومسميات تندرج تحت "الضمير الحاكم" ، وهذا مايقودني باستمرار إلى التساؤل بيني وبين نفسي : لو لم يمتلك أيٌ منا أخلاقاً، بفرض أنّ هذا المفهوم مرفوعّ عن الأرض ومن فيها، هل كان الإنسان ليكتشفه بمفرده؟ أم كان سيحتاج عقيدة ما لترشده نحو الأخلاق ؟

الأخلاق هي توجيه إلهي بحت حتى تنتظم المجتمعات وتتهذب النفوس، أي أن الله الذي خلق الكون والناس بعث إليهم الرسل كلّ برسالته ليهذب الأٌوام، وفي النهاية جاءت رسالة الإسلام كخاتمة ومتممة لهذه الأخلاق، لتكون صالحة في كل زمان ومكان، وبما أن الأخلاق هي رسالة من الله للبشر فهي بالطبع حقيقة مطلقة، إذًا فالحقائق الأخلاقية موجودة.

أما عن أنواع الأخلاق، فهي ليست إلا تطبيق للحقائق الأخلاقية العامة على شيء مخصص، ولا أراها إلا إعادة صياغة للمكان الذي خصصت من أجله، حتى تكون اللغة الأخلاقية أكثر وضوحًا في كل مجال.

من الممكن الاعتقاد بأن هناك بعض الحقائق الأخلاقية العالمية فعلاً، لا يمكننا إنكار وجود هذه الأمور برأي، أي الاعتراف بوجود بعض الاختلاف في القيم الأخلاقية عبر الثقافات والأفراد ووجود أيضاً أمور ناظمة موحّدة مشتركة، مثلاً: قد يعتقد الشخص أنه من الخطأ دائماً تعذيب الأبرياء ولكن هناك بعض الخلاف حول قضايا أخلاقية أخرى، مثل الإجهاض أو القتل الرحيم. إذاً الأمور نسبية، هناك ما هو متفق عليه وما هو لا حتى الآن، أنا أومن مثلاً بأن الأخلاق الإنسانية بقيد تطوّرها وتشكيلها دائماً، وأومن أن العصور الحالية رغم دموية ما يحصل إلا أنّهُ أكثر رحمة وأخلاقية بألف مرة مما سبق من العصور، هذا مفروغ منه عندي حين أرى ما كان قادراً عليه الإنسان سابقاً، بالعموم في نهاية الأمر إن مسألة ما إذا كانت هناك حقائق أخلاقية أو ما إذا كانت الأخلاق نسبية للأفراد هي مسألة معقّدة سيستمر الفلاسفة في مناقشتها فترات طويلة جداً، لإنني كما اسلفت مرحلة قيد التطوير والتشكيل دائماً، أي أننا ندرس متغيّر.

أما من ناحية وجودها فبالتأكيد موجودة، المراقبة تقول لنا هذا.

بحوزتي جملة و قطعة من المبادئ التي لا أحيد عنها ، و يشترك فيها جميع الناس التي تفكر بشكل سليم صحيح ، و هي :

( إذا كان حل المشاكل ممكنا و متوفرا بالحقيقة و الصراحة فلا عذر للحيل و الأكاذيب و الدسائس ، و إذا كان حل المشاكل ممكنا بالسلم و الحوار فلا عذر للعنف و الترهيب و الحروب و الغدر و الخيانات .. )

بالنسبة للأخلاق فهي مستمدة من الفطرة السليمة للإنسان ، و من يقذفها في قلوبنا هو الخالق ، بمعنى أن هناك من الناس من تأبى فطرته و نفسه و حبه للأخلاق الفاضلة .. أن تمتزج مع أخلاق غير فاضلة و غير نافعة و ظالمة له شخصيا و أيضا للذين من حوله ، فالأخلاق الطيبة من الله ، بمعنى أن الخالق يضعها في الأنبياء و في عباده الصالحين بدون أي اجتهاد شخصي من طرفهم ، هم يولدون صالحون طيبون أخلاقيون ، و موهبتهم الأخلاقية الربانية غير قابلة للتغير مهما حصل ، حتى لو أكرهوا على تغيير أخلاقهم و تغيير حبهم للحق و العدل فهم لا يستطيعون .. لأنهم ملائكيون بالفطرة ، و الأنبياء يستطيعون أن يتصلوا بالخالق مباشرة دون حجاب أو عبر ملائكة لا ترى بالحواس البشرية ، لذلك ( الحواس و العقل ) .. لوحدهما لا يفسران كل شيء في الحياة لذلك نحن كمسلمون نحتكم للشرع و للإسلام ، و في القرآن جاء ذكر لمعجزات ربانية حصلت للسابقين فعلا ، لا يمكن تصديقها بالعقل و المنطق ، و لكن إذا فكرنا و تدبرنا بعمق سنجد أنها معجزات ممكنة الحصول فعلا .. و لا يعجز الخالق أن يفعلها و يغير القوانين بشكل يذهل البشر ، فهو الخالق و هو من وضع القوانين و بمقدوره أن يغيرها إذا شاء ذلك .. يمكن فهمها ببساطة فأي شيء مخلوق و مصنوع خاضع لبرمجة و سلطة صانعه و بإمكان الصانع أن يغير النظام اذا شاء ذلك و في أي وقت يشاء .. و هذا ما جاء به نبي الإسلام و ما أراد أن يقوله لنا و يحذرنا منه ، فصلوات الله عليه و سلام .