الواقعية فلسفة تنطلق من الواقع مصدرا أوليا للحقيقة.
والواقع هو محيط يطوق حالة الأشياء كما هي موجودة
لذا يسمى الواقع وجودا لأنه يحتوي على جميع الموجودات
أو هكذا يصور لنا,ولكن هذا التساؤل الشكي أجاب عنه ديكارت فيما معناه أن هذا التصوير هو في حد ذاته وجودا. مما يعني أن (حالة الأشياء) تشمل أيضا أي تجربة عقلية نمر بها, سواء كانت حقيقية أم وهمية. فإن الوهم و اللاوهم هما في الواقع مفردات موجودة في نطاق الواقع. ويصبح التمييز بين الواقع واللاواقع راجع لمستويات معينة أو طبقات من جنس نفس ذات الواقع / الوجود. وتصبح الحقيقة المحققة في وجودها,هو وجودنا,وبالتالي وجود الوجود نفسه.
ومع ذلك,لتمييز واقع معين,نعزله عن اللاواقع / الوهم,يجب علينا التسليم أولا بحدودية المعرفة البشرية. مهما حاول بعد منظري الألفية الثالث إقناعنا أملا منهم في الخروج من شكية عدمية. وذلك لأن أي تجربة فكرية أو حسية على قدر من العمق في نفس موضوع التساؤل,حرية بأن تؤكد أننا بوصفنا كائنات داخل كيان أكبر إسمه الواقع / الوجود,غير معزولين عنه. ورغم أن قانون الحيادية يقتضي الخروج للمراقبة إلا أن ذلك لا ينفي تماما إمكانية معرفة كل تفاصيل هذا الواقع الذي نحن جزء منه,لولا أن بعض هذه التفاصيل تظل خفية عنا عبثا مهما حاولنا. أو على الأقل إلى الآن. مثل الحلم والموت. ثانيا نميز إذن بين هذا الواقع الذي نتفاعل معه عبر تجارب حسية / معرفية / إنسانية عديدة متنوعة وعديدة ومستمرة (عدا عند الموت). وبين أي شيء آخر لا نتفاعل معه بمثل هذه القوة. الحلم على سبيل المثال (عدا في بعض الحالات التي تزيد الجدل حول المسألة تعقيدا,ونكتفي بالقول أنها مجرد حالات). وبالطبع نظرية المحاكاة الحاسوبية قائمة. لكنها تظل مجرد نظرية لم تتطور بعد. لذا يصبح هذا الواقع,الذي استيقظ فيه كل يوم,وأتلقى عدد كبير من المعطيات وأتابع عدد أكثر من المجريات منها التغييرات التي تطرأ على جسدي وتعلن مرور فترات زمنية من عمري وسط مقاييس عديدة يقاس بها العالم حولي – عبر عقلي. يصبح هذا الواقع هو الواقع. خاصة وأنني أتفاعل فيه مع عدد كبير من الناس الذين يؤكدون على (واقعية) نفس (المحتوى) الذي أتفاعل معه. ربما هذه المتتالية تصبح لاحقا واحدة من أقوى الثغرات / الفجوات التي سيعبر من خلالها الغزو الرقمي مضاجعا عقولنا فيما بعد. خاصة مع توسع وتوحش ثورة الإتصال مما لا يخفى على أحد اليوم. وثالثا,يبقى أن الواقع,ذلك الذي نتابعه في حدود مستوى معين,عبر مستويات عديدة تنتهى إلى كيان / وجود أكبر يسمى الوجود. هو المشتمل على واقعنا,وعلى الواقع,وعلى كل الوقائع الممكنة. والمشتمل حتى على أفكار مثل الوجود والإمكان.
لا تبحث الواقعية فيما وراء حدود معرفة/نا كما تفعل المثالية.
ولا تبحث فيما وراء حدود واقع/نا. كما تفعل الماورائية.
وتكتفي بدراسة إمكاناتنا بالتفاعل مع معطيات واقعنا كما نستقبلها نحن,وكما هي (ظاهرة) في الواقع.
التعليقات