أول شيء يخطر ببالنا عندما نحاول أن نخفف أمراً مزعجاً على أحد ما ، هو أن نقول له : لا تقلق هذا الأمر سيمر حتماً ، وستنساه...

هذه الملاحظة الدقيقة هي التي تخفف علينا آلامنا، وتجعلنا أكثر قدرة على الصبر وتحمل الإزعاج، وما يميزها عن الأفكار الفلسفية الأخرى، أنها حقيقية بالفعل ومثبتة بالتجربة ، ولا يمكن لأحد أن ينكر وجودها !

في الواقع المشكلة الوحيدة مع هذه الفكرة هي أنها حقيقية فعلاً ... لأنها لا تنطبق فقط على الإزعاج والألم، بل إنها أيضا تنطبق على السعادة والارتياح !

وهنا تكمن المفارقة : تخيل لو أنك في كل مرة شعرت فيها بالسعادة، راودتك أيضاً هذه الفكرة المزعجة بأن هذه السعادة لن تدوم، يا له من شعور محزن ومعقد ، أنك لن تكون قادراً على الاستمتاع بهذه اللحظات لأنك تعرف أنها زائلة !

لذلك تُعلمنا الفلسفة هذه الحيلة الفكرية التي تستطيع إنقاذ الموقف هنا، وجعلنا نستمتع بالسعادة ، كما نستمتع بإمكانية زوال الألم مع الوقت!

يقول ماركوس أوريليوس : «إن اضطراباتنا تأتي فقط من الرأي الداخلي»

يقول بوذا : «حياتنا هي من خلق العقل»

يقول شكسبير : «لا يوجد شيء جيد أو سيء ، لكن التفكير يجعله كذلك»

وأخيراً يقول جون ميلتون «العقل هو كون بأكمله ، له القدرة على تحويل الجحيم إلى جنة وتحويل الجنة إلى جحيم»

ما الذي نفهمه من هذه الأقوال البسيطة بصياغتها والعميقة بمعانيها ؟

ما نفهمه هو أن العقل البشري يمتلك القدرة على تجاهل الأفكار في لحظات معينة، والتركيز عليها نفسها في أوقات أخرى، يمكننا أن نركز على زوال اللحظات وقدرتنا على نسيانها عندما نتألم، مما يجعلنا أكثر صبراً، بينما يمكننا تجاهل هذه الفكرة تماماً عندما نكون في أوج سعادتنا ومرحنا.

أنت أيضاً جرب أن تستخدم هذه الحيلة الفكرية القديمة المتجددة التي تنجح غالباً ، رغم أنني على يقين بأنك تستخدمها دائماً بشكل لا واعي، لأن العقل البشري كما قال ميلتون : كون بأكمله ، معقد إلى درجة أنه يستطيع الاعتناء بكم قبل أن تفكروا بالاعتناء به !

ماذا عنكم هل قمتم بتجربة هذه الحيلة من قبل ؟ وهل لديكم أي طرق أخرى لتخفيف الألم ؟