تفترض معظم الفلسفات ان الإنسان كائن خير بطبيعته، لكن استمراره في الخيرية امر غير محتوم بالضرورة، فديكارت مثلا يرى أن الانسان ميّال لحيازة الخير مع ذلك تظهر نزعته للعنف والعداء عندما يحول المجتمع بينه وبين رغباته ويكبتها كما يقول فرويد، فيهاجم الاخرين ويسعى للسيطرة عليهم وينقل العنف الذي بداخله للخارج ، ويفجر حاجه الغريزية للاعتداء على الاخرين، لكن هل لكي يشعر الانسان بالسلام عليه أن يستخدم القوة والعنف لفرض نفسه؟
تفترض الفلسفات الماركسية أن العنف مربوط بالدرجة الأولى بالفوارق الاجتماعية والاقتصادية، إذْ بغياب هذه الفوارق لن يغدو العنف ممكنًا مادام الجميع يحصل على حقوقه من الثروة والموارد الاقتصادية، مدعية أن فساد الانسان أو الاستمرار في خيريته مربوط بمستوى العدالة التي يتمتع بها في العالم.
اكبر مشروع فلسفي حول السلام في تاريخ الفلسفة هو المشروع الكانطي" مشروع السلام الدائم" الذي حاول فيه كانط أن يبرز مدى فضاعة الحرب، فهي ليست أكبر الشرور فحسب بل هي أقوى تهديد للبشرية، وأن العنف مرتبة من مراتب الحيوانية، ومنطلقه في ذلك فكرة أن حالة السلم ليس حالة طبيعية ، بل على العكس من ذلك، فحالة الصراع والحرب والعدوان هي الحالة الطبيعة كأصل حيواني فينا، ويعود ذلك لغياب طرق حقوقية بديلة خالية من العنف والحرب لتسوية الصراعات والخلافات والنزاعات بين الشعوب وقبل ذلك بيننا كأفراد نوع حيواني واحد يبحث عن البقاء، وبما أن حالة السلم ليست هي الحالة الطبيعية فوجب على الإنسان ككائن عاقل وأخلاقي تأسيسها.
بالمختصر، لا طريق للسلام إلا بالسلام، إلا فيما نذر، والمشكلة ليست في البحث عن السلام بقدر ماهي صراع مرير مع طاقة العنف المدمرة المتأصلة في تكويننا كبشر، لذلك نقول بأن المعضلة كلها ليست في تحقيق السلام، بل في القضاء على العنف وتحويله إلى طبيعة ثانية.
في رأيك: متى نحتاج الى العنف والقوة لنحقق السلام؟ وعلى صعيد حياتك الشخصية كفرد، متى تلجأ للعنف كآداة لحفظ حقوقك وحدودك وسلامك؟
التعليقات