"تدخل الموسيقى في التربية، باعتبارها أداة يُتوَسّل بها إلى حمل النشء على العمل بالفضائل.. فكُره الموسيقى هو بداية الإنحراف في المدينة"!..
هكذا علل ابن رشد خلال مؤلَّفه "الضروري في السياسة" المكانة الكبيرة التي منحها للموسيقى بمنهجه التربوي.. والعديد من الفلاسفة على مر العصور، لطالما اعتبروا الموسيقى بوصلة دقيقة لمعرفة إتجاه وحالة الأمم والمجتمعات، فمثلا بفترات الإزدهار والتحضر، عادة ما ترتقي صناعة الموسيقى بجميع مكوناتها.. وخلال فترات التدهور والهزائم، عادة ما تتهاوى الموسيقى، وغالباً ما تترافق مع الكلمات المُبتذَلة التي تخاطب الغرائز..!
صراحة أحاول قدر الإمكان ألا أربط بين ما أقوله وواقعنا المعاصر... لكن لا بُد مما ليس منه بُد! .. فبمجرد مطالعة نصوص ابن رشد السابقة، لاحت بمخيلتي مجموعة من "الأغاني" التي نستمع إليها منذ بضع سنوات.. وتخيلت ألحانها وطريقة مؤدييها، وكلماتها التي تهبط أحيانا لمنزلة أحط من مخاطبة الغرائز!.. بالطبع ذلك لا يشمل جميع الأعمال المعاصرة؛ فلحسن الحظ دائما ما كانت هناك قلة قليلة متمسكة بأصول وضوابط ما تقدمه من موسيقى.
لكن ما قد يخفف من هول صدمتنا بحاضرنا الموسيقي، هو ما قاله الفارابي وابن رشد منذ مئات السنين لتبرير بعض المواقف السلبية تجاه الموسيقى، مُرجعين ذلك للإبتذال الذي وقعت فيه، وإفراطها في الهزل، حتى أنهما طالبا برفع مستوى الموسيقى، نغماً، وإيقاعاً، وقولا!!
الآن شاركوني وجهة نظركم بالموضوع.. هل للموسيقى ذلك التأثير التربوي بالفعل؟..وفي ظل ما يحيط بنا من بعض أعمال مُسفة، كيف يمكننا أن نُربي أبنائنا تربية حسنة؟!
التعليقات