أثناء مراحل الدراسة نعتاد على ثقافة الانتظار

انتظار انتهاء اليوم الدراسي حتى ننعم ببعض اللعب والنوم

انتظار انتهاء الأسبوع الدراسي حتى نحصل على عطلة الاسبوع

انتظار انتهاء الفصل الدراسي حتى نحصل على اجازة منتصف العام

انتظار انتهاء السنة الدراسية حتى نحصل على إجازة نهاية العام

انتظار انتهاء المرحلة الدراسية التي نحن فيها حتى نحصل على شهادة الإتمام

انتظار الوصول إلى الثانوية العامة

انتظار نتائج الثانوية العامة للحصول على الشهادة الثانوية

وحتى انتظار انتهاء الكلية والحصول الشهادة العليا التي كنا نتطلع لها

تكون خياراتنا الشخصية في حياتنا طوال كل تلك الفترات محدودة وواضحة 

إما يمين أو شمال علمي أو ادبي لغة انجليزية أو لغة اجنبية أخرى 

ولكن عندما نتخرج ونبدأ في ممارسة الحياة الحقيقة نكتشف أن رحلة الإنتظار لم تتوقف وأن قطار العمر ما زال في طريقه ولم يصل بعد للمحطة الأخيرة

فما زلنا ننتظر دوام العمل حتى ينتهي لننعم ببعض الراحة

ننتظر أسبوع العمل حتى ينتهي لكي نحصل على عطلة الأسبوع 

ننتظر مواسم العمل أن تنتهي كي نحصل على إجازة الصيف

ننتظر السنوات أن تمر حتى نحصل على الترقية التي نسعى إليها

ننتظر العمر كي يمضي ونحصل على راتب التقاعد

لكن هذه المرة هناك أمران مختلفان في القطار:

الأول: أن الخيارات لم تعد محدودة كالسابق

الفرص أكثر والمواقف متشعبة والعلاقات أعمق

الثاني: أن القطار بدأ ركابه ينزلون منه ومن كان معنا منهم في سنوات العمر الأولى لم يعد موجوداً الآن

القطار يصبح أكثر وحشة وأكثر برودة وأكثر مللا

لكن الغريب هذه المرة اننا لا نستطيع مقاومة ذلك السؤال الذي ينهش في عقولنا يوميا

إلى متى إلى أين؟

كان كل شيء واضحاً في الماضي لكن الآن كل شيء ضبابي وغريب وكأن القطار دخل في نفق ولم يخرج منه منذ أن تخرجنا من محطة الجامعة

نظل نسأل أنفسنا هل هذا هو الطريق الصحيح؟

نشاهد في كل محطة ننزل فيها للاستراحة تشعبا كبيرا في السكك الحديدية وقطارات كثيرة تقصد اماكن اخرى لا نعلم عنها أي شيء

ونقرأ عن سير الركاب القدامي ونشاهد محطات عمرمهم وهي تسير في مخيلتنا ونسأل هل كانوا يعلمون أن هذه هي المحطة الأخيرة؟ هل كانوا يريدون الذهاب إلى هناك؟

لا ندري لماذا إلى الآن ما زلنا ننتظر، لماذا ما زلنا نشعر بالتعب عند السفر في قطار الزمن؟!

ولماذا تقل وتتباعد محطات الراحة والإنجاز

والأهم من كل ذلك ما سبب برودة القطار؟