إذا اعتادت الإرادة شيئا طيبًا سُميت هذه الصفة فضيلة.. وبذلك يكون الفرق بين الفضيلة والواجب واضحا، فالفضيلة صفة شخصية، والواجب عمل خارجي..

وكثيرا ما تمنيت وجود صفة ما، أو مقياس محدد، يساعدنا في التعرف على الإنسان الفاضل، فور مقابلته، وبمختلف الظروف..

وعند بداية بحثي حول معنى الفضيلة، أو الصفة المميزة للإنسان الفاضل، وجدت تباينا واضحا بين المفكرين في تحديد الفضيلة الإنسانية عبر العصور..

فرأى سقراط أن الفضيلة غاية تطلب لذاتها، واعتبرها مساوية "للمعرفة" أو العلم؛ فمعرفة الإنسان الخير والشر تكفي وحدها لعمل الخير وتجنب الشر!

أما أفلاطون، فرأى أن فضيلة "العدالة" تجمع كل فضائل النفس الإنسانية في وحدة واحدة..

ورأى تلميذه أرسطو، أن الفضيلة مجرد وسيلة نستخدمها للوصول إلى غايتنا القصوى، وهي السعادة، وأن كل فضيلة هي وسط بين رذيلتين، الإفراط والتفريط.. وأساس الفضائل لديه يتمثل في "خضوع الشهوات لحكم العقل"..

وبالعصر الحديث قُسمت الفضائل إلى، "فضائل شخصية" تنظم حياة الفرد، وتجعل ملكاته وقواه في حالة اعتدال ورقي... و"فضائل اجتماعية" تجعل الانسان في وفاق مع من حوله من الناس.

أعلم أنكم أُصبتم بالحيرة مثلي، لكني مالبثت أن شعرت بأن حيرتي أمر طبيعي، تحديدا بعد ما اطلعت على رأي الأستاذ أحمد أمين حول هذه القضية، والذي أورده بكتابه "الأخلاق" الصادر عام 1923م، حيث يرى أن قيمة الفضائل تختلف ما بين الأمم اختلافا كبيرا، وقد يختلف أيضا مفهوم الفضيلة الواحدة باختلاف العصور، كذلك قد تختلف قيمة الفضائل باختلاف حالة الأفراد وأعمالهم!!

ولذلك رأى أمين، أن الأمر برمته نسبي، وأن كل إنسان مطالب أن يضع في الدرجة الأولى من الأخلاق لديه، ما يناسب حالته ويتفق مع مركزه الاجتماعي وعمله الذى يؤديه، وإن اختلف تطبيق ذلك.

ختاما، ما وجهة نظركم بهذه القضية، هل الفضيلة مطلقة،أم نسبية؟.. أهي مكتسبة، أم فطرية؟.. وبرأيكم ما هي الصفة الأساسية للشخص الفاضل، التي تساعدنا على معرفته؟