عندما نمرّ بأزمة أو تحدث لنا مشكلة يقوم المخ باستدعاء الأفكار والتجارب والذكريات السيئة .. لماذا يفعل العقل ذلك، ولماذا تطفوا على السطح لتزيد من آلامنا وتعقد المشكلة .. مع أننا تحتاج في ذلك الوقت لبلسم يخفف عنها ألم المشكلة الحالية؟
لماذا نستدعي الأفكار السيئة؟
نعم هذه حقيقة، وذلك لأن من وظائف المخ استدعاء القلق باستمرار لحمايتنا وإبقائنا على قيد الحياة خاصة في المواقف والظروف الصعبة، وقد يسبب ذلك الشعور بالتعاسة والإحباط نتيجة لتلك الأفكار السلبية، لكن يمكن السيطرة على هذا الأمر عن طريق اتباع عدة طرق، مثل:
- إدراك المشاعر السلبية ومواجهتها عن طريق التحدث مع صديق مقرب أو شخص ذو ثقة، فالحديث في هذه الحالة يضع المشكلة في حجمها الطبيعي.
- استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية، فإذا كنت تريد البقاء في المنزل، ارتدي ملابسك واتجه للخارج بأسرع وقت، فالخروج في هذه الحالة يساعد أيضاً على التقليل من حدة تلك الأفكار وسيطرتها على جودة الحياة.
- يساعد عمل خطة للقيام بأنشطة مفضلة على التحكم في تلك الأفكار السيئة.
- كما يمكن أيضاً التعود على كتابة المذكرات للتحدث عن المشاعر السلبية والإيجابية طيلة الوقت، والعودة لقراءتها لاحقاً لنقدر أنفسنا وما استطعنا تخطيه في الماضي مما يولد أفكار إيجابية عن الذات.
أعتقد هذا يعود لأن الذاكرة تحتفظ بالأحداث السيئة أكثر من الأحداث الإيجابية، فلقد كشفت الأبحاث التي تضمنت تحليل الذاكرة أن الذاكرة العاطفية والتي تحتوي على مشاعر واضحة سواء كانت إيجابية أو سلبية يتم تذكرها بدقة أكبر بكثير من الذاكرة غير العاطفية. هذا يعني أنه من المهم والمفيد لنا أن نتذكر التجارب العاطفية، ستسألني لماذا؟ سأخبرك الرد لكن أعطني مساحة لشرح الأمر من البداية.
بشكل عام تأثير الأحداث السلبية علينا تكون مرهقة وتتسبب في إفراز أجسامنا لهرموني التوتر الإبينفرين والكورتيزول.
نظرًا لأن هذه الهرمونات يتم إطلاقها في ظل ظروف سلبية، فإنها تؤدي إلى تذكر الأحداث السلبية بشكل أفضل، والتأثير الكلي هو التذكر الواضح للحادث السلبي من حيث الذاكرة والعاطفة.
يعتقد العلماء أن هذا الاتجاه له أهمية تطورية. الغرض الوحيد من تذكر الأحداث السلبية هو أن نتذكر، ونتعرف على هذه التهديدات ونحذر منها في المستقبل.
هذا أمر منطقي، بالنظر إلى أن البشر في عصور ما قبل التاريخ كانوا أكثر عرضة لمواجهة خطر يهدد حياتهم بشكل منتظم. ساعد التذكر السلبي على البقاء على قيد الحياة. قد يعني تذكر الوقت الذي هاجم فيه النمر من خلف الأشجار منع حدوث خطأ مشابه في المرة القادمة.
لكن اليوم ، لا توجد نمور تنتظرنا خلف الأشجار. لقد تغير تعريفنا للأحداث السلبية وفقًا لأسلوب حياتنا. تعتبر الدرجة السلبية في اختبار، أو عرض تقديمي فاشل، أو حادث صادم، مثل السرقة، بعض الحالات السلبية التي من المحتمل أن نواجهها.
قد تختلف درجة تذكر حادثة سلبية من شخص لآخر. في حين أن أحد الأفراد قد يتذكر بوضوح كل تفاصيل حادثة السرقة، فقد لا يتمكن آخر من تذكر أكثر من البندقية. تختلف كمية هرمونات التوتر التي يتم إطلاقها وأنماط إنشاء الذاكرة لتكوين الذاكرة من شخص لآخر.
ومع ذلك ، هذا لا يعني أن البشر يتذكرون التجارب السلبية فقط بشكل جيد. كما يتم تخزين أيام الفرح في حياتنا وخاصة الذكريات الثمينة في مكان آمن جدا ونستدعيها بكافة تفاصيلها. يبدو أن ذكرياتنا العاطفية محصنة ضد تشويه الذاكرة بسهولة.
لقد جاء التأثير المؤلم للذاكرة السلبية كهدية للتطور. على الرغم من أنها تبدو لعنة أكثر من كونها نعمة، إلا أن التغيير الطفيف في المنظور هو كل ما يتطلبه الأمر. لا يريد التطور أن تدق الأفكار السلبية في رؤوسنا من أجل نزع سلام اليوم، ولكن بدلاً من ذلك لتعليمنا درسًا من لقاء وتكرار هذه الأمور بالمستقبل.
هل يعني كلامك:
1- أن الهرمونات التي يطلقها الجسم عند الأحداث السيئة يتعرّف عليها الجسم وتعمل له رابط مباشر مع أحداث سابقة.
2- أننا نتذكر الأحداث السيئة والجيدة بنفس الدرجة عند وجود مناسبتهما
3- أن الإنسان العاطفي لديه قوة ذاكرة تفوق غيره فيتأثر بالأحداث أكثر من غيره
هذا مافهمته من كلامك ..
ولدي سؤال: هل بيد الإنسان تعديل هذا التداعي للأفكار السيئة؟
بجانب ما قاله مجهول حول أنّ الذاكرة لها قدرة اكبر بالاحتفاظ بالذكريات السلبية أكبر من الإيجابية، قد يكون للأحداث السلبية لها تأثير أكبر علينا من الأحداث الإيجابية. فمثلا قد نكون أكثر حزنًا عند فقدان أكثر من يسعدنا إيجاد الوظيفة مثلا علاوة على ذلك الذكريات المؤلمة تعطينا دروسًا قد نستفيد منها مستقبلا
المختصة جوني سويت قالت في إحدى مقالاتها أنّ إعادة تذكر الموقف قد ينشط اللوزة والحصين الموجودتين في الدماغ والتي يتحكمان بالذكريات
لذا نحن بحاجة إلى تغيير طريقة تعاملنا مع الذكريات المؤلمة، لابد من القدرة على مواجهتها أولا بأول كي لا تعلق طويلا في اذهاننا وهذا ما يسمى بالعلاج النفسي السلوكي المعرفي.
بالإضافة إلى هذا وذاك، يمكننا رصد واحدة من أهم الاستراتيجيات التي يتعامل بها عقلنا مع الواقع، وهي استراتيجية التعلّم بالخطأ، حيث أن دماغنا له طريقة خاصة في التعامل مع الأمور. يعتمد دماغنا على مجموعات متفرّقة من الآليات، يعيد محاكاة كل منها من أجل تفاديها في أرض الواقع، وذلك من خلال النشاط العصبي نفسه، وبالتالي النشاط الذهني والنفسي نفسه. وعليه، يمكننا أن نرى أن هذه التردّدات الفكرية السلبية قد تكون مؤشّرًا لرغبة مخّنا في المزيد من التعلّم والمحاكاة والتوقّع، عن طريقة إعادة إنتاج هذه الأفكار، كمحاولة غير واضحة لنا للسيطرة على الأمور.
التعليقات