يعرف "لويس تيرمان" الذكاء بأنه «القدرة على مواصلة التفكير»، ويعرفه "هربرت وودراو" بأنه «القدرة على اكتساب القدرة»، بينما يضع "إدوارد ثورندايك" تعريفًا للذكاء فيقول: « هو الصفة التي اختلف بها أرسطو وأفلاطون عن الحمقى الأثينيون، ويختلف بها المحامون والأطباء والباحثون عن بلهاء العصر الموجودين في مستشفيات الأمراض العقلية»

لنحاول في هذه المساهمة أن نسلط الضوء على تعاريف هؤلاء الفلاسفة -والمختصين كلهم بالنفس البشرية- لنحاول المقاربة بين مفاهيمهم المطروحة ونقدها لنتوصل إلى معرفة إذا ما كانت تعريفاتهم "جامعة-مانعة" وكذا استنتاج التعريف الأنسب للذكاء والشخص الذكي.

بداية الأمر فإن العامل المشترك في تعاريفهم هو أن الذكاء هو القدرة، ما الذي نفهمه من ذلك؟

أن الذكاء نشاط واعٍ يتم عبر جهد مبذول لاستثمار ركائز أساسية تمنحنا القابلية على التخطيط ثم التنفيذ، كما نفهم من ذلك أن الذكاء لا يساوي "الموهبة" أو "الوراثة" أو "الحظ"، بل هو القدرة كما أجمع هؤلاء المفكرين في تفاسيرهم.

لكن القدرة على ماذا؟

هنا اختلف هؤلاء المفسرون قليلا..

نجد أن:

  • "وودراو" يرى أنه قدرتنا على أن نكون قادرًين؛ أي سلامتنا التي تسمح بقيامنا بمحاولات غرضها تمكين أنفسنا من التعامل مع المواقف المختلفة كلٌّ حسب ما يقتضيه، وعمليّا يعني أن نكون متحكمين في المشاكل عبر بحث الحلول لها دونما عائق يحول دون جهودنا في ذلك، كـ (خلل عصبي أو ضعف نفسي أو مشكلة بيولوجية).
  • أما عن "تيرمان"؛ فهو يرى أن الذكاء هو القدرة على مواصلة التفكير؛ فالفرق بين الإنسان عالي الذكاء والآخر البسيط يكمن في لحظة وقوع مشكلة، بين من يرى أن ذهنه مشوش تماما فيعجز عن التفكير في حل، وبين آخر له القدرة على التعامل في هذه الحالة وابتكار خطط مصاغة من أفكاره.
  • وبالنسبة لـ "ثورندايك" فقد صاغ تعريفه على شكل مثال ليكون معناه أن الذكاء هو الصفة التي تميز المتفوقين عن غيرهم وتميز العاقل عن المجنون.

فالتقارب كما هو ملاحظ يكمن في اعتبار الذكاء محصلةُ بذلٍ واجتهاد، رغم أن التعريف الأخير لثورندايك -وإن حللناه أنه تميز المجتهدين على حساب المحرومين أو المتخاذلين- فإنه لا يوضح ذلك جليا ويمكن فهمه على أنه الهبة التي يولد بها الإنسان ويتميز بها.

ماذا عنكم هل تتفقون أن الذكاء هو نتيجة سعي وتطوير للقدرات العقلية؟ أم ترون أنه صفة تتشكل بالوراثة أو خلقيا دون تدخل الإنسان في التحكم بها؟