حسناً، لم أكن أنوي ذلك، ولكن وجدت نفسي بشكل تلقائي أطرح نفس السؤال الماضي، ولكن، السؤال هذه المرة عن الأفكار وليست المشاعر، والسبب:

أنا شخص كثير التفكير، overthinker، أحياناً أفكر بدلاً أن أعمل، وهذا شيء مدمر، لكن ليس موضوعنا، موضوعنا هو التفكير في الظروف العادية وبشكل عام، إن لم يعبر الإنسان عن ما يطرأ على مخه من أفكاره فلا أعلم كيف سيتحمل عقله، وبالتأكيد -كما هي العادة- للناس في تعبيرهم عن أفكارهم مذاهب، الشخص الذي يكتب كثيراً على السوشال ميديا مثلا أعتبر أن غاية ذلك الأساسية هي أنه يود مشاركة أفكاره باستمرار، هناك أشخاص أجدهم ينشرون بعض الآراء على فيسبوك كل بضعة دقائق! قد يجد البعض الأمر مضيعة للوقت، ولكن في الحقيقة أنا أستمتع بمتابعة هؤلاء، لأنني أرى في ذلك فرصة لمعرفة كيف يفكر شخص آخر، وهو أمر غير متوفر بكثرة في الحياة العادية. أيضاً، هناك أشخاص لو سألتهم أين تذهبون بأفكاركم لو قالوا لي نشاهد أفلام "وودي ألن" سأتفهم تماماً ماذا يقصدون وسأجد ذلك وسيلة منطقية وناجحة، الأفلام والكتب والمحتوى الفني والإبداعي بشكل عام من أفضل الطرق وأصدقها لمشاركة الأفكار، والنفع عائد على المتلقي كما هو الحال مع المبدع صاحب الأفكار نفسه، مشاهدتك لفيلم أو قراءتك لكتاب أو رواية هي بشكل ما مشاركة لأفكار شخص معك، وإعادة ترتيب لأفكارك كردة فعل على الفكرة الموجهة لك.

رأيت من فترة صورة نشرها أحد الأشخاص وهو يقرأ كتاب فن عدم اللامبالاة، وهو أمر أجده مثيراً للسخرية؛إذا كنت لا مبالٍ إلى هذا الحد فلمَ تهتم بنشر صورة لك أثناء قراءة الكتاب؟ الأمر نفسه ينطبق على الكتاب أنفسهم، أسمع كثيراً اقتباسات كتاب ومفكرين تقول أن الوحدة واللامبالاة هي من شيم العظماء، ولكن إذا كانا هذان الأمران يمكن احتمالهما؛ فلم اهتم الكاتب أصلا بمشاركة أفكاره في الأساس؟ لا أرى تفسيراً غير أنه يكره معاناته من الوحدة وعدم الاكتراث. ولذلك لا تدع أحداً يقنعك أنه لا يبالي وغير مكترث وسعيداً بوحدته (بمعناها السيكولوجي والحقيقي).

أحياناً لا أجد أي من هذه الوسائل تنطبق على أشخاص أقابلهم، فهم لا يحبون مشاهدة الأفلام ولا قراءة الكتب بل ويصعب حتى أن تناقشهم في موضوع يكاد يبلغ حداً هيناً من العمق والتفكير. هل لهؤلاء أساليب أخرى؟ أم هم لا يفكرون؟ (أستبعد ذلك)

بالنسبة لي، ورغم أن الفن والمحتوى الإبداعي يبلغ منزلة كبيرة عندي، لكن إن لم أتواصل مع أشخاص حقيقيون قريبون مني بشكل مباشر، فلن أستطيع التخلص من أفكاري أبداً وقد أُجنّ، ولذلك فوسيلتي المعتمدة هي التحدث مع الأصدقاء (على السوشال ميديا في الأغلب)، وأحياناً مع أي شخص أجده مستعداً لتبادل أطراف الحديث، وطبعاً أحد أفضل الوسائل هو حسوب، كما يبدو مما أفعله الآن :")

ماهي وسيلتك المفضلة التي تعبر من خلالها عن أفكارك؟