خلال فترة معينة من حياتي أعتقد منذ ما يقارب الخمسة أعوام كنت شخصاً مهووس بالمثالية، وهذه الحالة لا يمكنك إدراكها بسهولة، لكن بعد قرأتي في علم النفس، بدأت أنتبه الى بعض الصفات الخفية ولكنها كانت متكررة بشكل ملحوظ، وكانت تسبب أزمة في حياتي.

يمكنك معرفة إن كنت مهووساً بالمثالية اذا كنت تظن بشكل متكرر أنك تحتاج بذل المزيد من الجهد في أي شئ تقوم به، قمت بالمذاكرة جيد جداً لكن لديك شعور أنك لم تبذل جهد كافي، تذاكر ليل نهار، ولكن يوم الإمتحان تشعر أنك لم تبذل قصارى جهدك ويصيبك التوتر خلال فترة الإمتحان مما يؤثر على النتيجة النهائية، وتصدق الكذبة التي أقنعت نفسك بها في النهاية، ربما تقرر عدم الذهاب الى مقابلة عمل شخصية بسبب شعورك أنك تحتاج الى مزيد من التحضير، وكلما بذلت جهد كلما أعتقدت أنك تحتاج وقت أكثر ولا تذهب أبداً الى تلك المقابلة.

أسوء ما في تلك الحالة أنك ربما تكون شخص كفء في أشياء كثيرة لكنك لا تتقدم خطوة واحدة للأمام، مما ينزع دخول السعادة في حياتك، والعيش في توتر دائم، وبعض الحالات تصبح مكتئبة، ولا يرضى عن حالة أبداً، عدم الرضا ربما يكون محفز أن تبذل جهد أكثر، لكن عدم الرضا دائما لن يغير شيئ.

عندما كنت أقرأ في البحث العلمي القائم عليه كل العلوم من نظريات، وقوانين، وأيضا كل التكنولوجيا التي تحيط بنا، وجدت أن تعريفه هو اكتشاف الأخطاء وتصحيحها من خلال المراجعات الدائمه، لذلك ليس هناك شيئاً مثالياً مطلقاً، يجب عليك أن تجرب حتى تعرف إذا كنت كفؤ أم لا، وأعتقد أن هذا هو الغرض من التجربة، وإن كنت غير كفء تستطيع معرفة ما ينقصك وتقوم بتقوية نفسك الى أن تصبح شخص كفء.

أما المثالية لن تساعدك أن تبرح مكانك بينما يستمر من هم أقل منك في التقدم، كل ما عليك معرفته هو أن تعي ذلك جيداً.

ولم يستطع أحد أن يقفز من الدرجة الأولى الى المائةفي خطوة واحدة، كل شئ يحتاج الى وقت، ويجب أن تجرب حتى تقيس مستوى تميزك، أو كفائتك الشخصية.

اكتشفت أن هناك عدداً ليس بالقليل كان يعاني من تلك الحالة، ليس من السهل التخلص منها، لكن الوعي بها هو بداية الطريق، أو هكذا نجح الأمر معي.