ما هو السبب الذي قد يجعلك تبرر افعالك لغيرك رغم انك لست مرغما على ذلك ؟

عندما كنتُ في السابعة أو الثامنة تقريبًا، دخلتُ مع خالتي إلى محل بقالة، اشتريتُ من هناك قطعةً من الحلوى، وعندما خرجنا، دخلنا إلى البقال المجاور، واشترت خالتي من هناك شيئًا آخر، أثناء ذلك، وجدتُ عند البقال الثاني نفس صنف قطعتي، اقتربتُ من هناك ووقفتُ أمامها وفكّرتُ بأنّ البقال سيظنُّ الآن ربما أنني سرقت هذه القطعة من عنده، لكنني لم أعرف ما أفعله كي أمنع عنه هذه الشكوك في ذلك العمر، وقررتُ بدلًا من ذلك أن أبدأ بتخبئة قطعتي على أمل أنّه لن ينتبه إليها، لكن العكس حدث، خرجتُ مبكّرًا من المحل وظلّت خالتي هناك، خرجت خالتي بعد دقائقٍ مستاءةً وحين سألتُها تبيّن أن صاحب المحلّ قال لها ما معناه "أنا أعرفُ أن ابنك قد سرق من عندي قطعة الحلوى تلك".

هنالك قصّةٌ عن النبيّ محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، أخبرني بها والدي في ذلك العمر حين حدّثتُه عن تلك الحادثة، لستُ أملكُ السند الآن أو الأدلّة لأنني لا أعرفُ الأسماء أو الوقائع بالضبط، على العموم، القصّة تحكي أنّ النبيّ كان واقفًا مع أحد أزواجه في ظلمة الليل وهي متستّرةٌ فلم يظهر وجهها، فمرّ رجلان بجانب النبيّ فسلّم عليهما وقال لهما ما معناهُ أن هذه هي زوجته، فاستغرب الرجلان وقالا ما معناهُ أن من المستحيل أن يشكّا بالنبيّ.

المقصدُ من القصّتين الماضيتين، هي أنّ هذا الشعور (لماذا تبرّرُ لي وأنا لم أطلب تبريرًا) هو أفضلُ بكثيرٍ من شعور (ماذا فعل هذا الرجل، لماذا التقط ذلك الشيء، يبدو أنّ تلك المرأة بخيلة)، وربما إن لم يُخبرك الرجلُ بما التقطه مثلًا لقلت في نفسك "ما هذا الرجلُ البخيلُ الفقير الذي يبحثُ في قمامة الأرض؟" لذلك كان الأفضلُ أن يبرّر لك، ربّما لو قلتُ للبقالِ حينها "هذه القطعةُ اشتريتُها من البقّال الثاني" لشكّ في نفسه وقال لنفسه "ولكنني لم أطلب منهُ تبريرًا" ولركّز عليّ كيلا أسرق شيئًا، لكن هذا أفضلُ بكثيرٍ من أن يقول في نفسه "ما هذه العائلةُ الوقحةُ التي تسرقُ بهذه الطريقة وتحسبني لم أنتبه؟".

يبدو انك تقوم بالتحديق فيهم بطريقة مريبة فيضطرون الى قول شيئ ما.

اذ من المستحيل ان يتحدث معك شخص التقط شيئ من الارض وانت تسير ولا تنظر اليه، والا بدا كلأبله يتحدث مع نفسه.

اعتقد السبب ان أهل هذه البلاد متداخلون جداً في حياة بعضهم البعض ، بعكس شعوب الغرب الذي كل واحد منهم لديه الحرية المطلقة والخصوصية الكاملة..

هذا التداخل يجعلك دائماً في وضعية المبرر / التساؤل دائماً .. فضلا ان مستوى العلاقات العربية هكذا تسير .. التفاعل طول الوقت ..

برأيي في بعض الأحيان يتم التبرير لشخص لا تعرفه إذا فعلت شيئًا ولا تريد أن يسيء الآخرون الفهم .. فنبرر لإبعاد سوء الظن بنا

أتوقع أن الموقف الأول كان سبب تبرير الرجل هو أنه لا يريد أن تظن بأنه التقط شيئًا مهمًا مفقود من أحدهم

أما الموقف الثاني فكان تبربره غريبًا