تطرقنا في طرح سابق عن فخ الإعتياد بعنوان "كوب ماء"، في موضع قد يصل لدرجة التعلق بالأمر الزائل. لكن هل هذا يعني أن نعيش في خوف دائم، في تلك المنطقة الواقعة بين سعادة الإمتلاك وخوف الزوال، وهل يلزم العيش بالقرب من أحد الجانبين ، المشكلة ليس أين نقف بالتحديد بل في نوع الرهان الذي نقدمه وكيفية ذلك؟

كوب الماء #2

الشق

وبالرغم من عدم استخدامنا لتلك المياه، إلا أن مستواها بدأ ينقص تدريجيا، وفي محاولة لاعادته لوضعه السابق، قمنا بتزويده بالكمية اللازمة لكن ذلك الفعل تسبب في حدوث موجات، وبافتراض نقاوة المياه، فقد أثر ما قمنا به على ما نراه داخل الكوب وما خلفه.

ومع تكرار الأمر، تكرر الفعل، في صورة تجسد مفهوم السببية والحتمية، كان هناك احتمال أن درجة الحرارة تسببت في تبخر تلك الكمية، لكن إذا تعمقنا في الأمر سنتوصل إلى نتيجة أن حجم الماء المفقود لا يمكن أن يتبخر في تلك الفترة وبدرجة الحرارة تلك، ولا توجد مياه حول الكوب تبين وجود شق غير مرئي، ليبقى احتمال ثالث يشير إلى وجود طرف آخر يتلاعب بحجم المياه.

إذا حصرنا تفكيرنا في الفرضية الأخيرة، سنضطر للبحث عن إجابة لسؤال: لماذا اكتفى المتلاعب بأخذ جزء من المياه فقط؟ هل كان يفكر في احتمالية القبض عليه أم أنه متأكد من أننا سنملأ الجزء الناقص من الكوب في كل مرة يقوم بفعلته؟. لربما يعرف أننا لا نملك رفاهية الإنتظار ومعرفة السبب؟، ويعلم أننا لا نطيق أن يكون الكوب فارغا.

خوفنا ورغبتنا يغذيان سعينا لبلوغ أهداف ربما تفوق مستوى تصورنا، بل وحتى إمكانياتنا. عند البحث عن الحقيقة بالمزامنة مع تصحيح الأخطاء، قد نتسبب في افتعال أمور جانبية تتحول لعائق بيننا وبين الوصول لما نرغب به، ومع زيادة عامل ثالث وهو الجهل بالمسبب، يزيد من صعوبة الأمر، إفترضنا وجود متلاعب ربما هو فقط إرضاء لتفكيرنا، أضافت تلك النقطة تساؤلات جديدة عن ماهية المتلاعب ودوافعه، وما علاقته بنا.؟ لكن الأصح أن نتساءل : هل هناك متلاعب من الأساس؟هل هناك أحد يكن لنا الكراهية، أم أنه يقوم بملأ كوبه المكسور بمياهنا؟